207

Ṣiyānat al-insān ʿan waswasat al-shaykh Daḥlān

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

ومكتبتها

بعض الناس أنه لا يجوز الاستسقاء بغيره ﷺ بديهي البطلان، فإن ما ثبت بفعله ﷺ هو مشروع لنا لقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ . وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ . ما لم يدل دليل على كونه مخصوصًا بالنبي ﷺ فلا مجال لهذا التوهم حتى يحتاج إلى دفعه.
و(الثاني) أن المقصود لو كان دفع التوهم المذكور لكان أولى أن يتوسل بحي غير النبي ﷺ في حياته ﷺ أو بميت غير النبي ﷺ بعد وفاته ﷺ أو بميت غير النبي ﷺ في حياته ﷺ، فإن هاتيك الصور الثلاث أبعد من أن يبدأ فيها الاحتمال الآتي من أنه إنما استسقى بالعباس لأنه حي والنبي ﷺ قد مات، وأن الاستسقاء بغير الحي لا يجوز، فلما ترك عمر ﵁ تلك الصور واختار الصورة التي يتأتى فيها الاحتمال المذكور دل هذا الصنيع على أن مقصوده ﵁ ليس دفع التوهم المذكور.
و(الثالث) أن توهم عدم جواز الاستسقاء بغير النبي ﷺ أخف من وهم عدم جواز الاستسقاء بالميت، سيما إذا كا ذلك الميت غير النبي ﷺ، فكان هذا التوهم أولى بالدفع، فكان الأنسب حينئذ أن يستسقي بميت غير النبي ﷺ.
و(الرابع) أن هذا التعليل فاسد، لأن المعلل لم يقم عليه برهانًا ولا دليلًا فلا يصغى إليه.
قوله: وليس لقائل أن يقول إنما استسقى بالعباس لأنه حي والنبي ﷺ قد مات وأن الاستسقاء بغير الحي لا يجوز، لأنا نقول إن هذا الوهم باطل ومردود بأدلة كثرة.
أقول: هذه الأدلة ليست صالحة لأن يستدل بها على المطلوب كما تقدم، فتذكر.
قوله: ومع أنه ﷺ حي في قبره.
أقول: بعد التسليم هذه الحياة حياة برزخية، وتساوي الحياة البرزخية والدنيوية في جميع الأحكام لا يقول به أحد من العقلاء، إذ هو يستلزم مفاسد غير محصورة كما لا يخفى على من له أدنى فهم.

1 / 208