201

Siyanat Insan

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

ومكتبتها

التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة، ومزاياهم الفاضلة، إذ لا يكون الفاضل فاضلًا إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي ﷺ حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة. اهـ. ففيه نظر من وجوه: (الأول) أن قوله في دليل الدعوى: إذ لا يكون الفاضل فاضلًا إلا بأعماله، دعوى مجرد لم يذكر عليه دليلًا فلا تقبل١. ألا ترى أن أمته ﷺ خير أمة بدليل قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ . مع أن من خلا من الأمم أكثر عملًا منهم، فيجوز أن يكون الفاضل فاضلًا بفضل الله تعالى لا بمجرد العمل. (الثاني) أنا لا نسلم أن الفاضل إذا كان فضله بالأعمال كان التوسل به توسلًا بالأعمال الصالحة، لم لا يجوز أن يكون التوسل به توسلًا بذاته؟ بل هو الظاهر٢، فإن حقيقة التوسل بالشيء التوسل بذاته، والتوسل بالأعمال أمر خارج زائد على الحقيقة، ولا يصرف عن الحقيقة إلى المجاز إلا لمانع.

١ في هذا النظر من المؤلف نظر، فليته تركه، فكون الفاضل لا يكون فاضلًا إلا بعمله بديهي لا يحتاج إلى دليل، وهل الفضل إلا لزيادة على غيره بالعمل الذي يشمل عمل النفس والجوارح، وما كانت شهادة الله لهذه الأمة بالخيرية إلا مقرونة بذكر العمل الذي به الخيرية، وهو قوله تعالى بعدها: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ . وكتبه محمد رشيد رضا. ٢ إن المعلوم من حال هؤلاء المتوسلين بالأشخاص أنهم يتوسلون بذواتهم الممتازة بصفاتهم وأعمالهم المعروفة عنهم لاعتقاد أن لهم تأثير في حصول المطلوب بالتوسل، إما بفعل الله تعالى لأجلهم وإما بفعلهم أنفسهم مما يعدونه كرامة لهم وقد سمعنا الأمرين منهم وممن يدافع عنهم، وكل من الأمرين باطل. وكتبه محمد رشيد رضا.

1 / 202