169

Siyanat Insan

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

ومكتبتها

مشيت لهذه الإشارة، فإن الذي تدعوه في كل مكان مع كل إنسان، بل مشيت لتسمع الميت توسلك به وتعطف قلبك عليك، وتتخذ عنده يدًا بقصده وزيارته والدعاء عنده والتوسل به، وأنت إن رجعت إلى نفسك، وسألتها عن هذا المعنى فربما تقر لك به وتصدقك الخبر، فإن وجدت عندها هذا المعنى الدقيق، الذي هو بالقبول منك حقيق فاعلم أنه قد علق بقلبك ما علق بقلوب عباد القبور، ولكنك قهرت هذه النفس الخبيثة عن أن تترجم بلسانك عنها، وتنشد ما انطوت عليه من محبة ذلك القبر والاعتقاد فيه والتعظيم له والاستغاثة به، فأنت مالك لها من هذه الحيثية، مملوك لها من الحيثية التي أقامتك من مقامك، ومشيت بك إلى فوق القبر، فإن تداركت نفسك بعد هذه وإلا كانت المستولية عليك المتصرفة فيك، والمتلاعبة بك في جميع ما تهواه مما قد وسوس به لها الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس. اه وأيضًا قال فيه: قد ظهر بمجموع هذا التقسيم أن من يقصد القبر ليدعو عنده هو أحد ثلاثة: إن مشى لقصد الزيارة فقط وعرض له الدعاء ولم يحصل بدعائه تغرير على الغير فذلك جائز، وإن مشى لقصد الدعاء فقط أو له مع الزيارة وكان له من الاعتقاد ما قدمنا فهو على خطر الوقوع في الشرك فضلًا عن كونه عاصيًا، وإذا لم يكن له اعتقاد في الميت على الصفة التي ذكرنا فهو عاص آثم، وهذا أقل أحواله، وأحقر ما يربحه في رأس ماله. اه وأيضًا قال فيه: وإذا عرف هذا فالذي نعتقده وندين به الله أن من دعا نبيًا أو وليًا أو غيرهما وسأل منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات أن هذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين حيث اتخذوا أولياء وشفعاء يستجلبون بهم المنافع ويستدفعون بهم المضار بزعمهم، قال الله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ . فمن جعل الأنبياء أو غيرهم كابن عباس أو أبي طالب١ وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع بمعنى أن الخلق

١ مع أن أبا طالب اختار أن يموت على ملة عبد المطلب في الجاهلية، وأبى أن ينطق بكلمة التوحيد التي دعاه ﷺ إلى النطق بها ساعة الاحتضار، ونزلت فيه الآية: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ . محب الدين.

1 / 170