165

Sirr Maktum

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Publisher

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= «الفصل بين الغنى والفقر» ولأبي يعلى الفراء: «تفضيل الفقر على الغنى» وهو من المفقودات على حسب ما ذكره الدكتور محمد أبو فارس في كتابه: «القاضي أبو يعلى الفراء وكتابه الأحكام السلطانية» (ص ٢٤٥) . وطبع في هذا الباب مجموعة من الكتب، من مثل: «عقد الدرر والآلئ في بيان فضل الفقر والفقراء وفضل السؤال!!» للبناني، و«المفاضلة بين الغني الشاكر والفقير الصابر»، للبيركلي (ت ٩٨١هـ) . ونسب ابن جزَيّ في «القوانين الفقهية» (ص ٤٧١) إلى أكثر الفقهاء أنهم ذهبوا إلى أن الغني أفضل، خلافًا لأكثر الصوفية! وحكي عن أحمد روايتين، ولذا ذكر هذه المسألة أبو الحسين ولد القاضي أبي يعلى في كتابه «التمام» (٢/٣٠٢-٣٠٥) قال: «مسألة: الفقير الصابر خير من الغني الشاكر في أصح الروايتين: وفيه رواية ثانية: الغني الشاكر أفضل، وبه قال جماعة منهم ابن قتيبة. وجه الأوّلة: اختارها أبو إسحاق [ابن] شاقلا، والوالد السعيد، قوله -تعالى-: ﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [الفرقان: ٧٥]، فسرها أبو جعفر محمد بن الحسين: يجزون الغرفة، قال: الجنة بما صبروا، قال: على الفقير في الدنيا. وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة» . فقالت عائشة: ولم يا رسول الله؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا، يا عائشة، لا تردي المسكين، ولو بشق تمرة، يا عائشة أحبي المساكين وقرِّبيهم، فإنَّ الله يقرِّبك يوم القيامة» . فمن الخبر دليلان: أحدهما: أنه سأل الله -تعالى- المسكنة في حياته ووفاته، فلولا أنها أعلى منزلة من الغنى لم يسألها. والثاني: قوله: «يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا»، وليس هذا إلا لفضيلتهم على الأغنياء، إذ لو لم يكن كذلك لم يستحقوا السبق. وروى أبو برزة الأسلمي قال: قال رسول الله ﷺ: «إن فقراء المسلمين ليدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار أربعين خريفًا، حتى يتمنى أغنياء المسلمين يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا فقراء» . وروى ابن عمر أن النبي ﷺ قام في أصحابه، فقال: «أي الناس خير؟» . فقال بعضهم: غني يعطي حق نفسه وماله، فقال النبي ﷺ: «نِعْم الرجل هذا، وليس به، ولكن خير الناس مؤمن فقير يعطي على جهد» . ولأن الله -تعالى- خصّ بالفقير من اصطفاه من أهل صفوته، وجعله كرامة لأهل عقد ولايته، وحظًا لمن ارتضاه من أهل معاملته، وسببًا للإقبال عليه بطاعته، فإن الله به اصطفاه من الدناة والأدنا من =

1 / 176