104

Sirr Maktum

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Publisher

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

والحاصل أن خيرية المال ليست لذاته (١)، بل بحسب ما يتعلق به ولو اتفق

= وتعقب محققه العراقي قصور لا يخفى، لا نطيل به. وإسناده ضعيف. محمد بن واسع: عابد ثقة، لكن بُلي برواة ضعفاء، قاله الدارقطني في «سؤالات البرقاني» (رقم ٤٦٣) . وقال علي بن المديني -فيما نقله المزي في «تهذيب الكمال» (٢٦/ ٥٧٨) عنه-: «ما أعلمه سمع من أحدٍ من الصحابة»، فهو مرسل. ومُطعم بن المقدام الصَّنعاني الشامي، وثَّقه أبو زرعة الدمشقي في «تاريخه» (٧٢)، وابن حبان في «ثقاته» (٧/٥٠٩)، وابن معين، وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (٨/٤١١): «لا بأس به» . وانظر: «تهذيب الكمال» (٢٨/٧٤) . وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه عن مطعم وهو شامي، فانحصرت علّة الحديث في الانقطاع، والله اعلم. وهو في «ضعيف الجامع الصغير» (٣٨٤٦) . (١) ولهذا قيل: الدرهم حاكم صامت، وعدل ساكت، وخاتم من الله نافذ، وقيل: لهذا المعنى سمي في لغة الفرس دينارًا، أي: الدين أتى به، والدين فارسية معربة. ولما كان ذلك حاكمًا عظم الله تعالى وعيد من احتبسه ومنع الناس عن التعامل به فقال: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ الآية [التوبة: ٣٤] . وذلك أنه يصير بإحباسه إياهما كمن حبس حاكمين للناس بهما تتمشى أمور معايشهم، ولذلك قال ﵊: «الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم»؛ لأنه يؤدي إلى منع الناس التصرف في معاملتهم. فالمال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب قوام الحياة الدنيوية فهو عظيم الخطر، وإذا اعتبر بسائر القنيات فهو صغير الخطر، إذ القنيات ثلاثة: نفسية، ومدنية، وخارجة، والخارجة أدونها، وأدون الخارجات الناض -وهو المال في لغة الحجاز-؛ لأنه خادم غير مخدوم، وسائر القنيات خادم من وجه، ومخدوم من وجه؛ لأن النفس يخدمها البدن، والبدن يخدمه المأكل والملبس، وهما يخدمهما المال، فالمال من حقه أن يكون خادمًا لغيره من القنيات وأن لا يكون شيء من القنيات خادمًا له، وإن كان كثير من الناس لجهلهم يجعلون جاههم وأبدانهم ونفوسهم خدمًا للمال وعبيدًا. وهم الذين ذمهم النبي ﷺ بقوله: «تعس عبد الدينار»، ولعظم موقع المال عند من لا يتجاوز المحسوسات قال -حكاية عن بعض أنبيائه فيما خاطب به أمته-: ﴿اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ [نوح: ١٠]، ولعظم منافعه في الأمور الدنيوية قال -تعالى-: ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥]، ونبه على حقارة قدره بالإضافة إلى أحوال الآخرة فقال: ﴿لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ﴾ [المنافقون: ٩]، وخوَّف من =

1 / 115