Sirat Rasul Allah
سيرة رسول الله
Genres
آفاق جديدة
بادرت الرسالة الاسلامية إلى الافصاح عن هويتها الانسانية العالمية منذ أيامها الاولى في مكة المكرمة .
فهي رسالة تهيئ للانسان جميع فرص النمو والازدهار ، وتوازن بين جوانبه كافة ، فلا تمكن لجانب بالتنكر لجانب آخر ، ومن الطبيعي أن ذلك الامر لن يكون إلا إذا اعترفت الرسالة بالانسان كما هو ، طاقاته كلها ، وكل حاجاته ، وكل كيانه .
ولعل أبلغ نص قرآني دلالة على الصفة الانسانية للرسالة الاسلامية قوله تعالى :
(فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله ا لتي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين ا لقيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . ( الروم / 30 )
فالاسلام دين الفطرة الانسانية ، وهو يتجاوب معها ، فلا يحرفها ولا ينكرها ، وإنما يعترف بها ، ويقر متطلباتها جمعاء .
وكما أفصح الاسلام عن هويته الانسانية ، منذ كان دعوة في مكة كما يتجلى ذلك في السور المكية التي تتناول حقيقة الكائن الانساني وتركيبه الروحي ، المادي .
نقول إلى جانب الاعلان عن الهوية الانسانية من قبل الرسالة الاسلامية ، أعلنت كذلك عن هويتها العالمية منذ أيامها الاولى ، فالآيات التي كشفت عن هذه السمة بكل قوة ووضوح كانت مكية :
(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ). (الانبياء / 107)
(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ). (سبأ / 28)
وخطاب يا أيها الناس ! إنما تكرر في السور المكية مرارا .
وكما أعلنت النصوص الاسلامية الاصيلة ، عن الصفة العالمية للاسلام ، فإن الواقع التطبيقي منذ بداية الدعوة كان يجسد تلك الاطروحة .
فطليعة المسلمين كان تركيبها يشير بوضوح وقوة إلى تخطي الاسلام لكل الفروق الجغرافية والقومية والقبلية والحواجز الطبقية وسواها .
Page 61