Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
انتصبت من جديد واقفة متجهة إليه جاذبة في شبه أمر. - اجلس، قلت اجلس!
تهاوى من فوره جالسا على الكرسي الذي تهاوت رءوس ثعابينه متراجعة مستسلمة منكسرة، بينما دفعت له المرأة بإناء ليعب ما به من شراب. - اشرب.
وقبل أن يفرغ الإناء في جوفه عاجلته؛ قائلة: اقتل من فورك أول من تصادفه، حالما تتخلى عني خارجا من هذا المكان.
انسل حسان ينزف عرقا، مستندا بجدران المغارة، بينما طالعته صور وجهه على الأحجار البلورية، أكثر وحشة وتشويها، حتى إذا ما قارب مدخل المغارة، استل من فوره خنجره من غمده متقدما من أول من صادفه متسللا داخلا. - من؟!
ووصلت دهشته أقصى مداها حين ارتفع ساعده مشيرا محذرا صارخا: أنا عمرو ... أخوك ... يا حسان ... احذر!
اندفع منسلا خارجا باحثا عن حصانه ملقيا بجسده بكامله فوقه، مطلقا له أقصى عدوه نازلا عن ذلك الجبل المشئوم، بينما طرقات الدفوف العملاقة تحاصر سمعه، كمثل طبول رجروج أو طبول حرب همجية مستعرة.
ما إن أفاق حسان من تلك الزيارة - الكابوس - وأحداثها، تنفيذا لوصية أبيه التبع الراحل، حتى غمغم طاردا عنه تصوراته وهواجسه المرعبة السوداء. - لا، لا.
حتى اندفع داخلا عابرا ردهات قصره باتجاه غرفة نومه ملقيا بنفسه بكامل ملابسه ودروعه على فراشه محموما مغمغما: أقتل آخر من تبقى من إخوتي عمرو شقيقي، حدقة عيني؟!
تسللت إليه ابنته الوحيدة المقربة «تدمر» التي اعتاد استشارتها في كل صغيرة وكبيرة، فجذبها في حدة محتضنا إياها مسرا إليها بأحداث تلك الزيارة الموجعة التي نفذها بكل الدقة حسب وصية الوالد الراحل، إلى أن وصل بها إلى جد إقدامه - منذ هنيهة فقط - على قتل أخيه الوحيد الحبيب «عمرو». - لا، لا، لن أفعل وليذهب عرش حمير إلى الجحيم.
انفلتت ابنته «تدمر» من بين أحضانه وهي تخفي عينيها بأناملها العشر، كمن لدغ مانعة شرا جائعا. - عمرو، عمي، لا.
Unknown page