Sirat Ibn Hisham, Ed. Taha Abdul Raouf Saad
سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد
Investigator
طه عبد الرءوف سعد
Publisher
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Genres
أَمْرُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْيَمَنِ: وَقِصَّةُ سَدِّ مَأْرِبٍ
وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ الْيَمَنِ، فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو زَيْد الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّهُ رَأَى جُرَذًا يَحْفِرُ فِي سَدِّ مأرِب الَّذِي كَانَ يَحْبِسُ عَلَيْهِمْ الْمَاءَ فَيُصَرِّفُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا مِنْ أَرْضِهِمْ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا بقاءَ لِلسَّدِّ عَلَى ذَلِكَ، فَاعْتَزَمَ عَلَى النُّقْلة مِنْ الْيَمَنِ، فَكَادَ قَوْمَهُ، فَأَمَرَ أَصْغَرَ وَلَدِهِ إذَا أَغْلَظَ لَهُ وَلَطَمَهُ، أَنْ يَقُومَ إلَيْهِ فَيَلْطِمَهُ، فَفَعَلَ ابْنُهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَقَالَ عَمْرٌو: لَا أُقِيمُ بِبَلَدِ لَطَمَ وَجْهِي فِيهِ أصغرُ وَلَدِي، وَعَرَضَ أموالَه، فَقَالَ أَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ: اغْتَنِمُوا غضبةَ عَمرو، فَاشْتَرَوْا مِنْهُ أَمْوَالَهُ، وَانْتَقَلَ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ ولده. وقال الْأَزْدُ: لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، فَبَاعُوا أموالَهم، وَخَرَجُوا مَعَهُ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِلَادَ عَكٍّ مُجْتَازِينَ يَرْتَادُونَ الْبُلْدَانَ. فَحَارَبَتْهُمْ عَك، فَكَانَتْ حَرْبُهُمْ سِجالًا، فَفِي ذَلِكَ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَيْتَ الَّذِي كَتَبْنَا١. ثُمَّ ارْتَحَلُوا عَنْهُمْ، فَتَفَرَّقُوا فِي الْبُلْدَانِ، فَنَزَلَ آلُ جَفْنَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ: الشامَ، وَنَزَلَتْ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ: يَثْرِبَ، وَنَزَلَتْ خُزَاعَةُ: مَرًّا، وَنَزَلَتْ أزدُ السراةَ: السَّرَاةَ. وَنَزَلَتْ أزدُ عُمان: عُمَانَ. ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السدِّ السيلَ فَهَدَمَهُ، فَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ ﵎ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ . [سبأ: ١٥] .
والعَرِم: السَّدُّ، وَاحِدَتُهُ: عَرِمَة، فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدة.
قال الأعشى: أعشى بني قيس، ابن ثَعْلَبَةَ، بْنِ عُكابة، بْنِ صَعْب، بْنِ عَلِيِّ، بْنِ بَكْرِ، بْنِ وَائِلِ بْنِ هِنْب، بْنِ أفْصَي، بْنِ جَديلة، بْنِ أسَد، بْنِ رَبِيعَةَ، بْنِ نِزار، بْنِ مَعَدّ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: أَفْصَى بْنِ دُعْمِيّ بْنِ جَدِيلَةَ، وَاسْمُ الْأَعْشَى: مَيْمُونُ بْنُ قَيْس، بْنِ جَنْدَلِ، بْنِ شَرَاحِيلَ، بْنِ عَوْفِ، بْنِ سَعْدِ، بْنِ ضُبَيْعة، بْنِ قَيْسِ، بْنِ ثَعْلَبَةَ:
وَفِي ذَاكَ لِلْمُؤْتَسِي أُسْوَةٌ ... ومأربُ عفَّى عَلَيْهَا العَرِمْ
رُخام بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيرٌ ... إذَا جَاءَ مَوَّارُه لَمْ يَرِمْ
فَأَرْوَى الزروعَ وأعنابَها ... عَلَى سَعةٍ مَاؤُهُمْ إذْ قُسِمْ
_________
١ وهو قوله:
وَعَكُّ بْنُ عَدْنَانَ الَّذِينَ تَلَقَّبُوا
بِغَسَّانِ حَتَّى طردوا كل مطرد
1 / 12