بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَآله
سَنَد الْمُؤلف
قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم حَدثنِي أبي عبد الله بن عبد الحكم قَالَ حَدثنِي مَالك بن أنس وَاللَّيْث بن سعد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الله بن لَهِيعَة وَبكر بن مُضر وَسليمَان بن يزِيد الكعبي وَعبد الله بن وهب وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم ومُوسَى بن صَالح وَغَيرهم من أهل الْعلم مِمَّن لم أسم بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكتاب من أَمر عمر بن عبد الْعَزِيز على مَا سميت ورسمت وفسرت وكل وَاحِد مِنْهُم قد أَخْبرنِي بطَائفَة فَجمعت ذَلِك كُله
حِكَايَة عمر بن الْخطاب مَعَ الْهِلَالِيَّة وتزويج ابْنه اياها
فَكَانَ مِمَّا ذكر من ذَلِك أَن عمر بن الْخطاب ﵁ نهى فِي خِلَافَته عَن مذق اللَّبن بِالْمَاءِ فَخرج ذَات لَيْلَة فِي حَوَاشِي الْمَدِينَة فَإِذا بإمرأة تَقول لإبنة لَهَا أَلا تمذقين لبنك فقد أَصبَحت فَقَالَت الْجَارِيَة كَيفَ أمذق وَقد نهى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن المذق فَقَالَت قد مذق النَّاس فامذقي فَمَا يدْرِي أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَت إِن كَانَ عمر لَا يعلم فإله عمر يعلم مَا كنت لأفعله وَقد نهى عَنهُ فَوَقَعت مقالتها من عمر فَلَمَّا أصبح دَعَا عَاصِمًا ابْنه فَقَالَ يَا بني اذْهَبْ إِلَى مَوضِع كَذَا وَكَذَا فاسأل عَن الْجَارِيَة ووصفها لَهُ فَذهب عَاصِم فَإِذا هِيَ جَارِيَة من بني هِلَال فَقَالَ
1 / 23
لَهُ عمر اذْهَبْ يَا بني فَتَزَوجهَا فَمَا أحراها أَن تَأتي بِفَارِس يسود الْعَرَب فَتَزَوجهَا عَاصِم بن عمر فَولدت لَهُ أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الْخطاب فَتَزَوجهَا عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم فَأَتَت بعمر بن عبد الْعَزِيز
وَأَخْبرنِي اللَّيْث بن سعد أَنه كَانَ يُقَال الفراسة فراسة الْعَزِيز فِي يُوسُف النَّبِي ﵇ حِين قَالَ ﴿ائْتُونِي بِهِ أستخلصه لنَفْسي فَلَمَّا كَلمه قَالَ إِنَّك الْيَوْم لدينا مكين أَمِين﴾ وفراسة عمر بن الْخطاب فِي الْهِلَالِيَّة حِين قَالَ لوَلَده تزَوجهَا وَالله ليوشكن أَن تَأتي بِفَارِس يسود الْعَرَب فَأَتَت بعمر بن عبد الْعَزِيز وَأَخْبرنِي من أرْضى عَن اللَّيْث أَنه قَالَ وفراسة سُلَيْمَان بن عبد الْملك فِي عمر بن عبد العزيزحيث قَالَ وَالله لأعقدن عقدا لَيْسَ للشَّيْطَان فِيهِ نصيب فعقد لعمر بن عبد الْعَزِيز
واستيقظ عمرمن نَومه فَمسح النّوم عَن وَجهه وفرك عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَقُول من هَذَا الَّذِي من ولد عمر يُسمى عمر يسير بسيرة عمر يُرَدِّدهَا مَرَّات
خُلَاصَة سيرة عمر بن عبد الْعَزِيز قبل الْخلَافَة
وَولد عمر بن عبد الْعَزِيز بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا شب وعقل وَهُوَ غُلَام بعد صَغِير كَانَ يَأْتِي عبد الله بن عمر كثيرا لمَكَان أمه مِنْهُ ثمَّ يرجع إِلَى أمه فَيَقُول يَا أمه أَنا أحب
1 / 24
أَن أكون مثل خَالِي يُرِيد عبد الله بن عمر فتؤفف بِهِ ثمَّ تَقول لَهُ اغرب أَنْت تكون مثل خَالك تكَرر عَلَيْهِ ذَلِك غير مرّة فَلَمَّا كبر سَار أَبوهُ عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان إِلَى مصر أَمِيرا عَلَيْهَا ثمَّ كتب إِلَى زَوجته أم عَاصِم أَن تقدم عَلَيْهِ وَتقدم بِوَلَدِهَا فَأَتَت عَمها عبد الله بن عمر فأعلمته بِكِتَاب زَوجهَا عبد الْعَزِيز إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا يَا ابْنة أخي هُوَ زَوجك فالحقي بِهِ فَلَمَّا أَرَادَت الْخُرُوج قَالَ لَهَا خَلْفي هَذَا الْغُلَام عندنَا يُرِيد عمر فَإِنَّهُ أشبهكم بِنَا أهل الْبَيْت فخلفته عِنْده وَلم تخَالفه فَلَمَّا قدمت على عبد الْعَزِيز اعْترض وَلَده فَإِذا هُوَ لَا يرى عمر قَالَ لَهَا وَأَيْنَ عمر فَأَخْبَرته خبر عبد الله وَمَا سَأَلَهَا من تخليفه عِنْده لشبهه بهم فسر بذلك عبد الْعَزِيز وَكتب إِلَى أَخِيه عبد الْملك بن مَرْوَان يُخبرهُ بذلك فَكتب عبد الْملك أَن يجْرِي عَلَيْهِ ألف دِينَار فِي كل شهر ثمَّ قدم عمر على أَبِيه بعد ذَلِك مُسلما عَلَيْهِ فَأَقَامَ عِنْده مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه ركب ذَات يَوْم حمارا فَسقط عَنهُ فشج فَبلغ ذَلِك الْأَصْبَغ بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ غُلَاما فَضَحِك لسقوطه فَبلغ سُقُوطه وَضحك الْأَصْبَغ مِنْهُ عبد الْعَزِيز فاغتاظ على الْأَصْبَغ وَقَالَ لَهُ يسْقط أَخُوك فيشج فتضحك سُرُورًا مِنْك بماأصابه قَالَ لَيْسَ ذَلِك كَذَلِك أَيهَا الْأَمِير لم يضحكني شماتة بِهِ وَلَا سرُور بسقوطه وَلَكِنِّي كنت أرى العلامات من أشج بني أُميَّة مجتمعة فِيهِ إِلَّا الشَّجَّة فَلَمَّا سقط وشج سرني ذَلِك لتكامل العلامات فِيهِ فأضحكني وَهُوَ وَالله أشج بني أُميَّة فَسكت عَنهُ عبد الْعَزِيز وَقَالَ مَا يَنْبَغِي لمن كَانَ يُرْجَى لما يُرْجَى أَن يكون تأديبه إِلَّا بِالْمَدِينَةِ فَبَعثه إِلَى الْمَدِينَة
قَالَ ثمَّ ولي عمر على الْمَدِينَة فَسَار بِأَحْسَن سيرة وَكَانَ مَعَ ذَلِك يعصف رِيحه ويرخي شعره ويسبل إزَاره ويتبختر فِي مشيته وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يغمص عَلَيْهِ فِي بطن وَلَا فرج وَلَا حكم
1 / 25
قدوم رجل على عمر بن عبد الْعَزِيز لتعزيته ونصحه
قَالَ وأتى رجل إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز حِين هلك سُلَيْمَان فَقَالَ لَهُ ارْض بِقَضَاء الله وَسلم لأَمره وارج مَا عِنْده فَإِن عِنْد الله الْخَيْر الدَّائِم والعوض من المصائب انْظُر إِلَى الَّذِي كنت تخشاه على سُلَيْمَان فاخشه على نَفسك ثمَّ قَامَ الرجل فَقَالَ عمر عَليّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ عمر لأي شَيْء قلت لي هَذَا قَالَ الرجل إِن أمنتني حدثتك قَالَ أَنْت آمن قَالَ رَأَيْتُك بِالْمَدِينَةِ تذيل إزارك وترخي شعرك وتعصف رِيحك فَكنت أعجب كَيفَ يدعك الله فِي سكان أرضه فَلَمَّا جَاءَت حالتك هَذِه رَأَيْت عَليّ من الْحق تعزيتك وَأَدَاء حَقك فَقَالَ لَهُ عمر يَا أخي إِن كنت مُقيما مَعنا بأرضنا فتعاهدنا وَإِن خرجت فَفِي حفظ الله
المشية العمرية وإفراط عمر قبل الْخلَافَة فِي النَّعيم
قَالَ وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز من أعظم أموي ترفها وتملكا غذي بِالْملكِ وَنَشَأ فِيهِ لَا يعرف إِلَّا وَهُوَ تعصف رِيحه فتوجد رَائِحَته فِي الْمَكَان الَّذِي يمر فِيهِ وَيَمْشي مشْيَة تسمى العمرية فَكَانَ الْجَوَارِي يتعلمنها من حسنها وتبختره فِيهَا وَإنَّهُ ترك كل شَيْء كَانَ فِيهِ لما اسْتخْلف غير مشيته فَإِنَّهُ لم يسْتَطع تَركهَا فَرُبمَا قَالَ لمزاحم ذَكرنِي إِذا رَأَيْتنِي أَمْشِي فيذكره فيخلطها ثمَّ لَا يَسْتَطِيع إِلَّا إِيَّاهَا فَيرجع إِلَيْهَا وَكَانَ يسبل إزَاره حَتَّى رُبمَا دخلت نَعله فِيهِ فيتحامل عَلَيْهِ فيشقه وَلَا يخلعها وَيسْقط أحد شقي رِدَائه عَن مَنْكِبه فَلَا يرفعهُ وتنقطع نَعله فَلَا يعرج
1 / 26
عَلَيْهَا وَرُبمَا لحقه بهَا الْمَمْلُوك فيعنفه ويطبع بِخَاتمِهِ فتتسخ الطينة من العنبر فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى ولي الْخلَافَة فزهد فِي الدُّنْيَا ورفضها
اعتذار عمر الى سعيد بن الْمسيب
قَالَ وَأرْسل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي ولَايَته على الْمَدِينَة رَسُولا إِلَى سعيد بن الْمسيب يسْأَله عَن مَسْأَلَة وَكَانَ سعيد لَا يَأْتِي أَمِيرا وَلَا خَليفَة فَأَخْطَأَ الرَّسُول فَقَالَ هَل الْأَمِير يَدْعُوك فَأخذ نَعْلَيْه وَقَامَ إِلَيْهِ (من وقته) فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ عزمت عَلَيْك يَا أَبَا مُحَمَّد إِلَّا رجعت إِلَى مجلسك حَتَّى يَسْأَلك رَسُولنَا عَن حاجتنا فَإنَّا لم نزسله ليدعوك وَلكنه أَخطَأ إِنَّمَا أرسلناه ليسألك وَلم ير سعيد أَنه يَسعهُ التَّخَلُّف عَنهُ
تنحي عمر فِي الْمَسْجِد مرضاة لِابْنِ الْمسيب
قَالَ وَخرج عمر بن عبد الْعَزِيز ذَات لَيْلَة إِلَى الْمَسْجِد فَقَامَ ليُصَلِّي وَكَانَ حسن الصَّوْت فصلى قَرِيبا من سعيد بن الْمسيب فَقَالَ سعيد لغلامه برد يَا برد نح عَن هَذَا القارىء فقد آذَانا بِصَوْتِهِ وَتَمَادَى عمر فِي صلَاته فَعَاد سعيد لبرد فَقَالَ يَا برد وَيحك ألم أقل لَك نح هَذَا القارىء عَنَّا فَقَالَ برد لَيْسَ الْمَسْجِد لنا فَسمع ذَلِك عمر فَأخذ نَعْلَيْه وَتَنَحَّى إِلَى نَاحيَة من الْمَسْجِد
خُرُوج عمر مَعَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك
قَالَ وَخرج عمر بن عبد الْعَزِيز مَعَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك إِلَى مخرج من مخارجه لم يكن عمر قدم فِيهِ ثقلا فَبلغ الْمنزل وَصَارَ كل رجل إِلَى مضربه الَّذِي قدمه وَصَارَ سُلَيْمَان إِلَى حجرَة ثمَّ فقد عمر فَقَالَ اطلبوه فَمَا أرَاهُ قدم شَيْئا فَطلب فَوجدَ تَحت شَجَرَة باكيا فَأخْبر بذلك سُلَيْمَان فَدَعَاهُ فَقَالَ مَا يبكيك يَا أَبَا
1 / 27
حَفْص قَالَ أبكاني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنِّي ذكرت يَوْم الْقِيَامَة من قدم شَيْئا وجده وَلم أقدم شَيْئا فَلم أجد شَيْئا
تبرؤ عمر من الْكَذِب وتجهزه لفراق سُلَيْمَان
قَالَ وَخرج عمر بن عبد الْعَزِيز مَعَ سُلَيْمَان يُرِيد الصائفة فَالتقى غلمانه وغلمان سُلَيْمَان على المَاء فَاقْتَتلُوا فَضرب غلْمَان عمر غلْمَان سُلَيْمَان فشكوا ذَلِك إِلَى سُلَيْمَان فَأرْسل إِلَى عمر فَقَالَ لَهُ ضرب غلمانك غلماني قَالَ مَا علمت فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان كذبت قَالَ مَا كذبت مذ شددت عَليّ إزَارِي وَعلمت أَن الْكَذِب يضر أَهله وَإِن فِي الأَرْض عَن مجلسك هَذَا لسعة فتجهز يُرِيد مصر فَبلغ ذَلِك سُلَيْمَان فشق عَلَيْهِ فَدخلت فِيمَا بَينهمَا عمَّة لَهما فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَان قولي لَهُ يدْخل عَليّ وَلَا يعاتبني فَدخل عَلَيْهِ عمر فَاعْتَذر إِلَيْهِ سُلَيْمَان وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا حَفْص مَا اغتممت بِأَمْر وَلَا أكربني أَمر إِلَّا خطرت فِيهِ على بالي فَأَقَامَ
تخلص عمر من تَعْزِيَة الْوَلِيد بالحجاج
قَالَ وَلما أَتَى نعي الْحجَّاج بن يُوسُف وَدخل النَّاس على الْوَلِيد يعزونه وَلم يعزه عمر فَوجدَ الْوَلِيد من ذَلِك وَقَالَ مَا مَنعك يَا عمر أَن تعزيني بالحجاج كَمَا عزاني النَّاس فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا الْحجَّاج منا أهل الْبَيْت فَنحْن نعزى بِهِ وَلَا نعزي قَالَ صدقت
وَكَانَ عمر يَقُول مَا أحب أَن لي بلوذان الْكَلَام كَذَا وَكَذَا
1 / 28
قَول عمر عِنْد موت الْحجَّاج
قَالَ وَلما بلغ عمر وَفَاة الْحجَّاج قَالَ رغم أنفي لله أَن قطع مُدَّة الْحجَّاج
استعفاؤه الْخَلِيفَة من ممر الْحجَّاج عَلَيْهِ
قَالَ وَكَانَ الْحجَّاج قد ولي الْمَوْسِم فَكتب عمر إِلَى الْخَلِيفَة يستعفيه أَن يمر عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ فَكتب إِلَى الْحجَّاج إِن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَيّ يستعفيني من ممرك عَلَيْهِ فَلَا عَلَيْك أَن لَا تمر بِمن كرهك فَتنحّى عَن الْمَدِينَة
إعظامه مَسْجِد الرَّسُول
قَالَ وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز إِذْ كَانَ واليا على الْمَدِينَة إِذا بَات على ظهر الْمَسْجِد مَسْجِد رَسُول الله ﷺ لم تقربه امْرَأَة إعظاما لمَسْجِد رَسُول الله ﷺ
فَتْوَى عمر فِيمَن سبّ الْخُلَفَاء
قَالَ وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز أرسل إِلَيّ الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي الظهيرة فِي سَاعَة لم يكن يُرْسل إِلَيّ فِي مثلهَا فَوَجَدته فِي قيطون صَغِير لَهُ بَابَانِ بَاب يدْخل مِنْهُ وَبَاب خلف ظَهره ينحرف مِنْهُ إِلَى أَهله قَالَ فَدخلت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ قاطب بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ لي اجْلِسْ هَا هُنَا فأجلسني بَين يَدَيْهِ مجْلِس الْخصم وَلَيْسَ عِنْده إِلَّا خَالِد بن الريان قَائِما بِسَيْفِهِ فَقَالَ كَيفَ ترى فِيمَن سبّ الْخُلَفَاء أَتَرَى أَن يقتل قَالَ فَسكت فَانْتَهرنِي وَقَالَ مَالك لَا تَتَكَلَّم فَسكت فَعَاد لمثلهَا فَقلت أفتك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لَا وَلكنه سبّ الْخُلَفَاء قلت فَإِنِّي أرى أَن ينكل بِهِ بِمَا انتهك من حُرْمَة الْخُلَفَاء قَالَ فَرفع الْوَلِيد رَأسه الى ابْن الريان وَقَالَ مَا أَظُنهُ
1 / 29
إِلَّا أَن يَقُول لَهُ اضْرِب عُنُقه فَقَالَ إِنَّه فيهم لتائه ثمَّ حول وركيه فَدخل على أَهله فَقَالَ لي ابْن الريان بِيَدِهِ انْصَرف وَكَانَ ابْن الريان لعمر حَافِظًا قَالَ فَانْصَرَفت وَمَا تهب ريح من ورائي إِلَّا وَأَنا أَظن أَنه رَسُول يردني إِلَيْهِ
عزل ابْن الريان وَدُعَاء عمر عَلَيْهِ
فَلَمَّا ولي عمر بن عبد الْعَزِيز الْخلَافَة عزل خَالِد بن الريان عَن مَوْضِعه الَّذِي كَانَ يكون عَلَيْهِ وَكَانَ حرسيا مَعَ الْوَلِيد بن عبد الْملك وَقَالَ إِنِّي أذكر بأوه وتيهه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي قد وَضعته لَك فَلَا ترفعه فَمَا رُؤِيَ شرِيف قد خمد ذكره حَتَّى لَا يذكر مَا خمد ذكر خَالِد بن الريان حَتَّى إِن كَانَ الرجل ليقول لَيْت شعري مَا فعل خَالِد أَحَي هُوَ أم ميت وَإنَّهُ لفي قَرْيَة صَغِيرَة مَا يدرى أَحَي هُوَ أم ميت
قَول عمر لِسُلَيْمَان فِي الرَّعْد والبرق
قَالَ وَخرج سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَمَعَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى الْحَج فَأَصَابَهُمْ مطر شَدِيد ورعد وبرق فَقَالَ سُلَيْمَان هَل رَأَيْت مثل هَذَا يَا أَبَا حَفْص فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا فِي حِين رَحمته فَكيف بِهِ فِي حِين غَضَبه
استنقاذ عمر المحذومين وَقد أَمر سُلَيْمَان بتحريقهم
قَالَ وَحج سُلَيْمَان وَمَعَهُ عمر فَبَيْنَمَا هُوَ يسير ذَات لَيْلَة على رَاحِلَته قرب مَكَّة وَقد نعس إِذْ صَاح بِهِ المجذمون وضربوا بأجراسهم فَاسْتَيْقَظَ سُلَيْمَان فَزعًا وَقد بشع بهم وأفزعوه فَأمر بتحريقهم بالنَّار فَرجع الْمَأْمُور مَا يدْرِي مَا يصنع
1 / 30
بهم حَتَّى لَقِي عمر بن عبد العزبز فَقَالَ يَا أَبَا حَفْص حدث أَمر عَظِيم من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ أَنه مر بهؤلاءالجذمى وَهُوَ نَائِم على رَاحِلَته فراعه من نَومه صِيَاحهمْ وَضرب أجراسهم فَغَضب وَأمر بتحريقهم فَقَالَ لَهُ عمر لَا تعجل حَتَّى ألحقهُ فَلحقه فحادثه سَاعَة ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل رَأَيْت مثل هَؤُلَاءِ المبتلين فنسأل الله الْعَافِيَة فَلَو أمرت بإخراجهم قَالَ لَهُ أصبت فَأمر بإخراجهم فَرجع عمر وَرَاءه فَقَالَ للْمَأْمُور قد أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ بإخراجهم
طلب عمر مِيرَاث بعض أخواته وَمَا كَانَ بَينه وَبَين أَيُّوب بن سُلَيْمَان
قَالَ وكلم عمر بن عبد الْعَزِيز سُلَيْمَان بن عبد الْملك فِي مِيرَاث بعض بَنَات عبد الْعَزِيز من بني عبد الْملك فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان بن عبد الْملك إِن عبد الْملك كتب فِي ذَلِك كتابا مَنعهنَّ ذَلِك فَتَركه يَسِيرا ثمَّ رَاجعه فَظن سُلَيْمَان أَنه اتهمه فِيمَا ذكر من رَأْي عبد الْملك فِي ذَلِك الْأَمر فَقَالَ سُلَيْمَان لغلامه ائْتِنِي بِكِتَاب عبد الْملك فَقَالَ لَهُ عمر أَبَا الْمُصحف دَعَوْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ أَيُّوب بن سُلَيْمَان ليوشكن أحدكُم أَن يتَكَلَّم الْكَلَام تضرب فِيهِ عُنُقه فَقَالَ لَهُ عمر إِذا أفْضى الْأَمر اليك فَالَّذِي دخل على الْمُسلمين أعظم مِمَّا تذكر فزجر سُلَيْمَان أَيُّوب فَقَالَ عمر إِن كَانَ جهل فَمَا حلمنا عَنهُ
قَول عمر حِين خرج من الْمَدِينَة
قَالَ وَلما خرج عمر بن عبد الْعَزِيز من الْمَدِينَة الْتفت إِلَيْهَا وَبكى وَقَالَ يَا
1 / 31
مُزَاحم أنخشى أَن نَكُون مِمَّن نفت الْمَدِينَة
مَا قَالَه عمر لمزاحم حِين تطير
قَالَ وَلما خرج عمر بن عبد الْعَزِيز من الْمَدِينَة نظرت فَإِذا الْقَمَر فِي الدبران فَكرِهت أَن أَقُول ذَلِك لَهُ فَقلت أَلا تنظر إِلَى الْقَمَر مَا أحسن استواءه فِي هَذِه اللَّيْلَة فَنظر عمر فَإِذا هُوَ بالدبران فَقَالَ كَأَنَّك أردْت أَن تعلمني أَن الْقَمَر بالدبران يَا مُزَاحم إِنَّا لَا نخرج بشمس وَلَا بقمر وَلَكنَّا نخرج بِاللَّه الْوَاحِد القهار
بِشَارَة الْخضر لعمر بالخلافة
قَالَ وَخرج ذَات لَيْلَة على مركب لَهُ يسير وَحده وَتَبعهُ مُزَاحم فَتقدم عمر وَتَأَخر مُزَاحم فَنظر مُزَاحم فَإِذا هُوَ بِرَجُل يُسَايِر عمر وَعَهده بِهِ وَحده وَقد وضع الرجل يَده على عاتق عمر قَالَ مُزَاحم فَقلت فِي نَفسِي من هَذَا إِن هَذَا لذُو دَالَّة عَلَيْهِ فحركت للحوق بِهِ فَأَدْرَكته فَإِذا هُوَ وَحده لَا أرى مَعَه أحدا غَيره فَقلت لَهُ رَأَيْت مَعَك رجلا آنِفا قد وضع يَده على عاتقك وَهُوَ يسايرك فَقلت فِي نَفسِي من هَذَا إِن هَذَا لذُو دَالَّة عَلَيْهِ فلحقتكما فَلم أر أحدا غَيْرك فَقَالَ عمر أوقد رَأَيْته يَا مُزَاحم قَالَ نعم قَالَ إِنِّي لأحسبك رجلا صَالحا ذَلِك يَا مُزَاحم الْخضر أعلمني أَنِّي سألي هَذَا الْأَمر وأعان عَلَيْهِ
1 / 32
مُوَافقَة صَلَاة عمر صَلَاة النَّبِي
قَالَ وَلما قدم أنس بن مَالك خَادِم النَّبِي ﷺ من الْعرَاق إِلَى الْمَدِينَة كَانَت تعجبه صَلَاة عمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ عمر أميرها فصلى أنس خَلفه فَقَالَ مَا صليت خلف إِمَام بعد رَسُول الله ﷺ أشبه صَلَاة بِصَلَاة رَسُول الله ﷺ من إمامكم هَذَا وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز ﵁ يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود ويخفف الْقعُود وَالْقِيَام
اسْتِخْلَاف عمر وكراهيته ذَلِك وحيلة رَجَاء فِي إبرام الْبيعَة
وَكَانَ لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك ابْن يُقَال لَهُ أَيُّوب بن سُلَيْمَان فعقد لَهُ ولَايَة الْعَهْد من بعده ثمَّ إِن أَيُّوب توفّي قبل سُلَيْمَان وَلم يبْق لِسُلَيْمَان ولد إِلَّا صَغِير فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة أَرَادَ أَن يسْتَخْلف فحضره عمر بن عبد الْعَزِيز ورجاء بن حَيْوَة فَقَالَ لرجاء اعْرِض عَليّ وَلَدي فِي القمص والأردية فعرضهم عَلَيْهِ فَإِذا هم صغَار لَا يحْتَملُونَ مَا لبسوا من القمص والأردية يسحبونها سحبا فَنظر إِلَيْهِم وَقَالَ يَا رَجَاء
(إِن بني صبية صغَار ... أَفْلح من كَانَ لَهُ كبار)
فَقَالَ لَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز ياأمير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله ﵎ ﴿قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى﴾ ثمَّ قَالَ يَا رَجَاء اعْرِض عَليّ بني فِي السيوف فقلدهم السيوف ثمَّ عرضهمْ عَلَيْهِ فَإِذا هم صغَار لَا يحملونها يجرونها جرا فَنظر إِلَيْهِم وَقَالَ
(إِن بني صبية صيفيون ... أَفْلح من كَانَ لَهُ ربعيون)
1 / 33
فَقَالَ لَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول الله ﵎ ﴿قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى﴾ فَلَمَّا لم ير فِي وَلَده مَا يُرِيد حدث نَفسه بِولَايَة عمر بن عبد الْعَزِيز لما كَانَ يعرف من حَاله فَشَاور رَجَاء فِيمَن يعْقد لَهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ رَجَاء بعمر وسدد لَهُ رَأْيه فِيهِ فَوَافَقَ ذَلِك رَأْي سُلَيْمَان وَقَالَ لأعقدن عقدا لَا يكون للشَّيْطَان فِيهِ نصيب فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهِ وَجَعه عهد عهدا لم يطلع عَلَيْهِ أحدا إِلَّا رَجَاء بن حَيْوَة الْكِنْدِيّ اسْتخْلف فِيهِ عمر بن عبد الْعَزِيز وَيزِيد بن عبد الْملك من بعد عمر فَدخل سعيد ابْن خَالِد مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَبَعض أهل بَيته يعودون سُلَيْمَان فَرَأَوْا بِهِ الْمَوْت فَمشى عمر بن عبد الْعَزِيز وَسَعِيد بن خَالِد ورجاء بن حَيْوَة وتخلف عمر كَأَنَّهُ يعالج نَعْلَيْه حَتَّى أدْركهُ رَجَاء فَقَالَ لَهُ يَا رَجَاء إِنِّي أرى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الْمَوْت وَلَا أَحْسبهُ إِلَّا سيعهد وَأَنا أناشدك الله إِن ذَكرنِي بِشَيْء من ذَلِك إِلَّا صددته عني وَإِن لم يذكرنِي أَن لَا تذكرني لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك فَقَالَ رَجَاء لعمر لقد ذهب ظَنك مذهبا مَا كنت أحسبك تذهبه أتظن بني عبد الْملك يدخلونك فِي أُمُورهم وَقد كَانَ سُلَيْمَان فرغ من ذَلِك وَلكنه أَرَادَ إخفاءه عَن عمر فَلَمَّا ولي هِشَام بن عبد الْملك ذكر لَهُ فعل رَجَاء بن حَيْوَة فَقَالَ أوليس بِصَاحِب عمر بن عبد الْعَزِيز يَوْم وَافقه ثمَّ أصبح وَقد اسْتخْلف فَذكر لرجاء فَقَالَ رَجَاء أَولا أخْبركُم عَن ذَلِك الْموقف إِن عمر نشدني الله أَن لَا أذكرهُ فِي شَيْء من أَمر الْخلَافَة وَإِن كَانَ سُلَيْمَان ذكره أَن أصده
1 / 34
عَنهُ فَعجب هِشَام من قَول رَجَاء وَقَالَ وَمَا أَحسب عمر خطا خطْوَة قطّ إِلَّا وَله فِيهَا نِيَّة
فَلَمَّا حضر سُلَيْمَان وَاشْتَدَّ مَا بِهِ أَمر بالبيعة لمن كَانَ فِي كِتَابه مِمَّن عهد إِلَيْهِ فَبَايع النَّاس وَلَا يعلمُونَ من فِي كِتَابه ثمَّ قضى الله على سُلَيْمَان بِالْمَوْتِ فَلَمَّا مَاتَ كتمه رَجَاء بن حَيْوَة ثمَّ خرج إِلَى النَّاس فَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يَأْمُركُمْ بتجديد الْبيعَة لمن كَانَ عهد إِلَيْهِ وَقد أصبح بِحَمْد الله صَالحا فَقَالُوا أوصلنا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ لنَنْظُر إِلَيْهِ وننفذ لأَمره فَدخل فَأمر بِهِ فأسند بالوسائد وَأقَام عِنْده خَادِمًا وَأمر بِالنَّاسِ فأدخلوا عَلَيْهِ فيقفون عِنْد الْبَاب فيسلمون من بعيد يرَوْنَ شخصه فَيرد الْخَادِم عَنهُ رد الْمَرِيض وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَأْمُركُمْ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن تبايعوا لمن عهد إِلَيْهِ وتسمعوا لَهُ وتطيعوا فَخَرجُوا إِلَى الْمَسْجِد وَالنَّاس مجتمعون وُجُوه بني مَرْوَان وَبني أُميَّة وأشراف النَّاس فَبَايعُوا حَتَّى إِذا رَضِي رَجَاء من ذَلِك نظر فَإِذا هُوَ لَا يرى عمر فَخرج يلتمسه فِي الْمَسْجِد حَتَّى رَآهُ قاصيا فَوقف عَلَيْهِ وَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قُم إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ أنْشدك الله يَا رَجَاء فَقَالَ رَجَاء أناشدك الله أَن يضطرب بِالنَّاسِ حَبل فقد لَقِي سُلَيْمَان ربه وَقضى الله عَلَيْهِ الْمَوْت فَقَامَ عمر حَتَّى جلس على الْمِنْبَر فنعى للنَّاس سُلَيْمَان وَفتح الْكتاب فَإِذا فِيهِ اسْتِخْلَاف عمر وَيزِيد بن عبد الْملك من بعد عمر فَلَمَّا قَرَأَ ذكر عمر جثا هِشَام بن عبد الْملك على رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ هاه فسل رجل من أهل الشَّام سَيْفه وَقَالَ تَقول لأمر قد قَضَاهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ هاه فَلَمَّا قَرَأَ ثمَّ يزِيد بن عبد الْملك من بعد عمر قَالَ هِشَام سمعنَا وأطعنا فَسمع النَّاس وأطاعوا وَقَامُوا فَبَايعُوا لعمر
1 / 35
بِشَارَة الرُّؤْيَا بخلافة عمر
وَكَانَ رجل قد رأى فِي مَنَامه كَأَن قَائِلا من السَّمَاء ينظر إِلَيْهِ يَقُول أَتَاكُم الْعدْل واللين وَإِظْهَار الْعَمَل الصَّالح فِي الْمُصَلِّين فَقَالَ لَهُ الرجل من هُوَ يَرْحَمك الله فَنزل إِلَى الأَرْض وَكتب بِيَدِهِ عمر فاستخلف عمر فِي يَوْم تِلْكَ اللَّيْلَة
أول مَا بَدَأَ بِهِ عمر حِين ولي الْخلَافَة
ثمَّ أَخذ فِي جهاز سُلَيْمَان فَخرج بِهِ فحانت الْمغرب قبل أَن يصلى عَلَيْهِ فصلى عمر الْمغرب ثمَّ صلى عَلَيْهِ ثمَّ حمل سُلَيْمَان من قصره إِلَى قَبره فَلَمَّا دفن سُلَيْمَان دَعَا عمر بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس فَكتب ثَلَاثَة كتب لم يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله ﷿ أَن يؤخرها فأمضاها من فوره فَأخذ النَّاس فِي كِتَابه إِيَّاهَا هُنَالك فِي همزه يَقُولُونَ مَا هَذِه العجلة أما كَانَ يصبر إِلَى أَن يرجع إِلَى منزله هَذَا حب السُّلْطَان هَذَا الَّذِي يكره مَا دخل فِيهِ وَلم يكن بعمر عجلة وَلَا محبَّة لما صَار إِلَيْهِ وَلكنه حاسب نَفسه وَرَأى أَن تَأْخِير ذَلِك لَا يَسعهُ
أمره مسلمة بالقفول من الْقُسْطَنْطِينِيَّة
كتب بقفل مسلمة بن عبد الْملك من الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَقد كَانَ سُلَيْمَان أغزاه إِيَّاهَا برا وبحرا وأشفى على فتحهَا ثمَّ خدع عَنْهَا حَتَّى أحرزوا طعامهم وحوائجهم ثمَّ أغلقوها دونه بعد الإشفاء عَلَيْهَا فَبلغ ذَلِك سُلَيْمَان فَغَضب مِمَّا فعل بِهِ فَحلف أَن لَا
1 / 36
يقفله مِنْهَا مَا دَامَ حَيا فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الْمقَام وجاعوا حَتَّى أكلُوا الدَّوَابّ من الْجهد والجوع حَتَّى يتَنَحَّى الرجل عَن دَابَّته فتقطع بِالسُّيُوفِ فَبلغ رَأس الدَّابَّة كَذَا وَكَذَا درهما ولج سُلَيْمَان فِي أَمرهم فَكَانَ ذَلِك يغم عمر فَلَمَّا ولي رأى أَنه لَا يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله ﷿ أَن يَلِي شَيْئا من أُمُور الْمُسلمين ثمَّ يُؤَخر قفلهم سَاعَة فَذَلِك الَّذِي حمله على تَعْجِيل الْكتاب
عَزله أُسَامَة عَن مصر وحبسه إِيَّاه
وَكتب بعزل أُسَامَة بن زيد التنوخي وَكَانَ على خراج مصر وَأمر بِهِ أَن يحبس فِي كل جند سنة ويقيد وَيحل عَن الْقَيْد عِنْد كل صَلَاة ثمَّ يرد فِي الْقَيْد وَكَانَ غاشما ظلوما معتديا فِي الْعُقُوبَات بِغَيْر مَا أنزل الله ﷿ يقطع الْأَيْدِي فِي خلاف مَا يُؤمر بِهِ ويشق أَجْوَاف الدَّوَابّ فَيدْخل فِيهَا القطاع ويطرحهم للتماسيح فحبس بِمصْر سنة ثمَّ نقل إِلَى أَرض فلسطين فحبس بهَا سنة ثمَّ مَاتَ عمر ﵀ وَولي يزِيد بن عبد الْملك فَرد أُسَامَة على مصر
عَزله يزِيد بن أبي مُسلم عَن إفريقية
وَكتب بعزل يزِيد بن أبي مُسلم عَن إفريقية وَكَانَ عَامل سوء يظْهر التأله والنفاذ لكل مَا أَمر بِهِ السُّلْطَان مِمَّا جلّ أَو صغر من السِّيرَة بالجور والمخالفة للحق وَكَانَ فِي هَذَا يكثر الذّكر وَالتَّسْبِيح وَيَأْمُر بالقوم فيكونون بَين يَدَيْهِ يُعَذبُونَ وَهُوَ يَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله شدّ يَا غُلَام مَوضِع كذاوكذا لبَعض مَوَاضِع الْعَذَاب وَهُوَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر شدّ يَا غُلَام مَوضِع كذاوكذا فَكَانَت حَالَته تِلْكَ شَرّ الْحَالَات فَكتب بعزله فَهَذَا سَبَب الثَّلَاثَة الَّتِي عجل بهَا
انصراف عمر عَن مظَاهر الْخلَافَة وإقباله على إحْيَاء الْكتاب وَالسّنة
قَالَ وَلما دفن سُلَيْمَان وَقَامَ عمر بن عبد الْعَزِيز فقربت إِلَيْهِ المراكب فَقَالَ مَا هَذِه فَقَالُوا مراكب لم تركب قطّ يركبهَا الْخَلِيفَة أول مَا يَلِي فَتَركهَا وَخرج يلْتَمس بغلته وَقَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذَا إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين ونصبت لَهُ سرادقات وَحجر لم يجلس فِيهَا أحد قطّ كَانَت تضرب للخلفاء أول مَا يلون فَقَالَ مَا هَذِه فَقَالُوا سرادقات وَحجر لم يجلس فِيهَا أحد قطّ يجلس فِيهَا الْخَلِيفَة أول مَا يَلِي قَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذِه إِلَى أَمْوَال الْمُسلمين ثمَّ ركب بغلته وَانْصَرف إِلَى الْفرش والوطاء الَّذِي لم يجلس عَلَيْهِ أحد يفرش للخلفاء أول مَا يلون فَجعل يدْفع ذَلِك بِرجلِهِ حَتَّى يُفْضِي إِلَى الْحَصِير ثمَّ قَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذَا لأموال الْمُسلمين
وَبَات عِيَال سُلَيْمَان يفرغون الدهان وَالطّيب من هَذِه القارورة إِلَى هَذِه القارورة وَيلبسُونَ مَا لم يلبس من الثِّيَاب حَتَّى تتكسر وَكَانَ الخليقة إِذا مَاتَ فَمَا لبس من الثِّيَاب أَو مس من الطّيب كَانَ لوَلَده وَمَا لم يلبس من الثِّيَاب وَمَا لم يمس من الطّيب فَهُوَ للخليفة بعده فَلَمَّا أصبح عمر قَالَ لَهُ أهل سُلَيْمَان هَذَا لَك وَهَذَا لنا قَالَ وَمَا هَذَا وَمَا هَذَا قَالُوا هَذَا مِمَّا لبس الْخَلِيفَة من الثِّيَاب وَمَسّ من الطّيب فَهُوَ لوَلَده وَمَا لم يمس وَلم يلبس فَهُوَ للخليفة بعده وَهُوَ لَك قَالَ عمر مَا هَذَا لي وَلَا لِسُلَيْمَان وَلَا لكم وَلَكِن يَا مُزَاحم ضم هَذَا كُله إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين فَفعل فتوامر الوزراء فِيمَا بَينهم فَقَالُوا أما المراكب والسرادقات وَالْحجر والشوار والوطاء فَلَيْسَ فِيهِ رَجَاء بعد أَن كَانَ مِنْهُ فِيهِ مَا قد علمْتُم وَبقيت خصْلَة
1 / 37
انصراف عمر عَن مظَاهر الْخلَافَة وإقباله على إحْيَاء الْكتاب وَالسّنة
قَالَ وَلما دفن سُلَيْمَان وَقَامَ عمر بن عبد الْعَزِيز فقربت إِلَيْهِ المراكب فَقَالَ مَا هَذِه فَقَالُوا مراكب لم تركب قطّ يركبهَا الْخَلِيفَة أول مَا يَلِي فَتَركهَا وَخرج يلْتَمس بغلته وَقَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذَا إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين ونصبت لَهُ سرادقات وَحجر لم يجلس فِيهَا أحد قطّ كَانَت تضرب للخلفاء أول مَا يلون فَقَالَ مَا هَذِه فَقَالُوا سرادقات وَحجر لم يجلس فِيهَا أحد قطّ يجلس فِيهَا الْخَلِيفَة أول مَا يَلِي قَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذِه إِلَى أَمْوَال الْمُسلمين ثمَّ ركب بغلته وَانْصَرف إِلَى الْفرش والوطاء الَّذِي لم يجلس عَلَيْهِ أحد قطّ يفرش للخلفاء أول مَا يلون فَجعل يدْفع ذَلِك بِرجلِهِ حَتَّى يُفْضِي إِلَى الْحَصِير ثمَّ قَالَ يَا مُزَاحم ضم هَذَا لأموال الْمُسلمين
وَبَات عِيَال سُلَيْمَان يفرغون الأدهان وَالطّيب من هَذِه القارورة إِلَى هَذِه القارورة وَيلبسُونَ مَا لم يلبس من الثِّيَاب حَتَّى تتكسر وَكَانَ الْخَلِيفَة إِذا مَاتَ فَمَا لبس من الثِّيَاب أَو مس من الطّيب كَانَ لوَلَده وَمَا لم يلبس من الثِّيَاب وَمَا لم يمس من الطّيب فَهُوَ للخليفة بعده فَلَمَّا أصبح عمر قَالَ لَهُ أهل سُلَيْمَان هَذَا لَك وَهَذَا لنا قَالَ وَمَا هَذَا وَمَا هَذَا قَالُوا هَذَا مِمَّا لبس الْخَلِيفَة من الثِّيَاب وَمَسّ من الطّيب فَهُوَ لوَلَده وَمَا لم يمس وَلم يلبس فَهُوَ للخليفة بعده وَهُوَ لَك قَالَ عمر مَا هَذَا لي وَلَا لِسُلَيْمَان وَلَا لكم وَلَكِن يَا مُزَاحم ضم هَذَا كُله إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين فَفعل فتوامر الوزراء فِيمَا بَينهم فَقَالُوا أما المراكب والسرادقات وَالْحجر والشوار والوطاء فَلَيْسَ فِيهِ رَجَاء بعد أَن كَانَ مِنْهُ فِيهِ مَا قد علمْتُم وَبقيت خصْلَة
1 / 38
هِيَ الْجَوَارِي نعرضهن عَلَيْهِ فَعَسَى أَن يكون مَا تُرِيدُونَ فِيهِنَّ فَإِن كَانَ وَإِلَّا فَلَا طمع لكم عِنْده فَأتي بالجواري فعرضن عَلَيْهِ كأمثال الدمى فَلَمَّا نظر إلَيْهِنَّ جعل يسألهن وَاحِدَة وَاحِدَة من أَنْت وَلمن كنت وَمن بعث بك فتخبره الْجَارِيَة بأصلها وَلمن كَانَت وَكَيف أخذت فيأمر بردهن إِلَى أهليهن ويحملن إِلَى بلادهن حَتَّى فرغ مِنْهُنَّ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك أيسوا مِنْهُ وَعَلمُوا أَنه سيحمل النَّاس على الْحق
واحتجب عَن النَّاس ثَلَاثًا لَا يدْخل عَلَيْهِ أحد ووجوه بني مَرْوَان وَبني أُميَّة وأشراف الْجنُود وَالْعرب والقواد بِبَابِهِ ينظرُونَ مَا يخرج عَلَيْهِم مِنْهُ فَجَلَسَ للنَّاس بعد ثَلَاث وَحَملهمْ على شَرِيعَة من الْحق فعرفوها فَرد الْمَظَالِم وَأَحْيَا الْكتاب وَالسّنة وَسَار بِالْعَدْلِ ورفض الدُّنْيَا وزهد فِيهَا وتجرد لإحياء أَمر الله عزوجل فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى قَبضه الله عزوجل فرحمه الله
نَهْيه عَن الْقيام لَهُ وَمَا شَرطه فِي صحبته
قَالَ وَلما ولي عمر بن عبد الْعَزِيز قَامَ النَّاس بَين يَدَيْهِ فَقَالَ يَا معشر النَّاس إِن تقوموا نقم وَإِن تقعدوا نقعد فَإِنَّمَا يقوم النَّاس لرب الْعَالمين إِن الله فرض فَرَائض وَسن سننا من أَخذ بهَا لحق وَمن تَركهَا محق وَمن أَرَادَ أَن يصحبنا فليصحبنا بِخمْس يُوصل إِلَيْنَا حَاجَة من لَا تصل إِلَيْنَا حَاجته ويدلنا من الْعدْل إِلَى مَا لَا نهتدي إِلَيْهِ وَيكون عونا لنا على الْحق وَيُؤَدِّي الْأَمَانَة إِلَيْنَا وَإِلَى النَّاس وَلَا يغتب عندنَا أحدا وَمن لم يفعل فَهُوَ فِي حرج من صحبتنا وَالدُّخُول علينا
1 / 39
ابتداؤه بِالسَّلَامِ
قَالَ وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يتَقَدَّم إِلَى الحرس إِذا خرج عَلَيْهِم أَن لَا يقومُوا إِلَيْهِ وَيَقُول لَهُم لَا تبتدئوني بِالسَّلَامِ إِنَّمَا السَّلَام علينا وَلكم
عزم عمر فِي الإعتصام بِالْكتاب وَالسّنة
وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز سنّ رَسُول الله ﷺ وولاة الْأَمر من بعده سننا الْأَخْذ بهَا اعتصام بِكِتَاب الله وَقُوَّة على دين الله وَلَيْسَ لأحد تبديلها وَلَا تغييرها وَلَا النّظر فِي أَمر خالفها من اهْتَدَى بهَا فَهُوَ مهتد وَمن استنصر بهَا فَهُوَ مَنْصُور وَمن تَركهَا وَاتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ ولاه الله مَا تولى وأصلاه جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا
قَالَ عبد الله بن عبد الحكم فَسمِعت مَالِكًا يَقُول وأعجبني عزم عمر فِي ذَلِك
خطْبَة عمر فِي أَنه منفذ لله
قَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِنَّه لَيْسَ بعد نَبِيكُم نَبِي وَلَيْسَ بعد الْكتاب الَّذِي أنزل عَلَيْكُم كتاب فَمَا أحل الله على لِسَان نبيه فَهُوَ حَلَال إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمَا حرم الله على لِسَان نبيه فَهُوَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أَلا إِنِّي لست بقاض وَإِنَّمَا أَنا منفذ لله وَلست بِمُبْتَدعٍ وَلَكِنِّي مُتبع أَلا إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يطاع فِي مَعْصِيّة الله ﷿ لست بِخَيْرِكُمْ وَإِنَّمَا أَنا رجل مِنْكُم أَلا وَإِنِّي أثقلكم حملا يَا أَيهَا النَّاس إِن أفضل الْعِبَادَة أَدَاء الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله الْعَظِيم لي وَلكم
1 / 40
خطبَته فِي التَّقْوَى
قَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بتقوى الله فَإِن تقوى الله خلف من كل شَيْء وَلَا خلف من التَّقْوَى أَيهَا النَّاس إِنَّه قد كَانَ قبلي وُلَاة تجترون مَوَدَّتهمْ بِأَن تدفعوا بذلك ظلمهم عَنْكُم يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي لست بخازن وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَضَع حَيْثُ أمرت أَلا وَلَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله الْعَظِيم لي وَلكم
خطبَته فِي الْبَعْث
وَقَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس بعد أَن جمعهم فَقَالَ إِنِّي لم أجمعكم لأمر أحدثته وَلَكِنِّي نظرت فِي أَمر معادكم وَمَا أَنْتُم إِلَيْهِ صائرون فَوجدت الْمُصدق بِهِ أَحمَق والمكذب بِهِ هَالكا ثمَّ نزل
خطبَته فِي إِبَاحَة دُخُول المظلومين عَلَيْهِ بِغَيْر إِذن
قَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز الغرباء فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس الحقوا ببلادكم فَإِنِّي أنساكم عِنْدِي وأذكركم ببلادكم أَلا وَإِنِّي قد اسْتعْملت عَلَيْكُم رجَالًا لَا أَقُول هم خياركم وَلَكنهُمْ خير مِمَّن هُوَ شَرّ مِنْهُم أَلا فَمن ظلمه إِمَامه مظْلمَة فَلَا إِذن لَهُ عَليّ وَمن لَا فَلَا أرينه أَلا وَإِنِّي منعت نَفسِي وَأهل بَيْتِي هَذَا المَال
1 / 41
فَإِن ضننت بِهِ عَنْكُم إِنِّي إِذن لضنين وَالله لَوْلَا أَن أنعش سنة أَو أَسِير بِحَق مَا أَحْبَبْت أَن أعيش فواقا
خطبَته فِي الْوَعْظ وتسميته الإِمَام الظَّالِم عَاصِيا
قَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس فَقَالَ أما بعد أَيهَا النَّاس فَلَا يطولن عَلَيْكُم الأمد وَلَا يبعدن عَلَيْكُم يَوْم الْقِيَامَة فَإِن من زافت بِهِ منيته فقد قَامَت قِيَامَته لَا يستعتب من سيئ وَلَا يزِيد فِي حسن ألالا سَلامَة لامرئ فِي خلاف السّنة ولاطاعة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الله أَلا وَإِنَّكُمْ تَعدونَ الهارب من ظلم إِمَامه عَاصِيا أَلا وَإِن أولاهما بالمعصية الإِمَام الظَّالِم أَلا وَإِنِّي أعالج امرا لَا يعين عَلَيْهِ إِلَّا الله قد فني عَلَيْهِ الْكَبِير وَكبر عَلَيْهِ الصَّغِير وفصح عَلَيْهِ الأعجمي وَهَاجَر عَلَيْهِ الْأَعرَابِي حَتَّى حسبوه دينا لَا يرَوْنَ الْحق غَيره ثمَّ قَالَ إِنَّه لحبيب إِلَيّ أَن أوفر أَمْوَالكُم وَأَعْرَاضكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
خطبَته فِي التَّذْكِير بِالْمَوْتِ وحرصه على كِفَايَة رَعيته
قَالَ وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس بخناصرة فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لم تخلقوا عَبَثا وَلم تتركوا سدى وَإِنَّكُمْ لكم معاد ينزل الله ﵎ للْحكم فِيهِ والفصل بَيْنكُم فخاب وخسر من خرج من رَحْمَة الله الَّتِي وسعت كل شَيْء وَحرم الْجنَّة الَّتِي عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أَلا ترَوْنَ أَنكُمْ فِي أسلاب الهالكين وسيخلفها
1 / 42