133

Siraj Munir

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير

Genres

• (أن الله تعالى خلق الخلق) أي قدر المخلوقات (في علمه السابق حتى إذا فرغ من خلقه) أي قضاه وأتمه فالفراغ تمثيل إذ الفراغ والخلاص يكون عن المهم والله عز وجل لا يشغله شأن عن شأن (قامت الرحم) بفتح الراء وكسر الحاء المهملة (فقال) أي الله سبحانه وتعالى (مه) ما استفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت وهذا قليل والسائغ أن لا يفعل ذلك بها إلا وهي مجرورة أي ما تقولين والمراد بالاستفهام إظهار الحاجة دون الاستعلام فإنه تعالى يعلم السر وأخفى (قالت) أي الرحم قال العلقمي قال في الفتح يحتمل أن يكون على الحقيقة والإعراض يجوز أن تتجسد وتتكلم بإذن الله ويجوز أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل أو الاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل وأصلها وإثم قاطعها ثم قال قال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون بلسان الحال ويحتمل أن يكون بلسان القال قولان مشهوران والثاني أرجح وعلى الثاني هل تتكلم كما هي أو يخلق الله تعالى لها عند كلامها حياة وعقلا قولان أيضا مشهوران والأول أرجح لصلاح القدرة العامة لذلك (هذا مقام العائذ بك من القطيعة) أي قالت الرحم قيامي هذا قيام العائذ المستعيذ المعتصم المستجير (قال) أي الله (نعم) قال المناوي نعم حرف إيجاب مقرر لما سبق (أما) بالتخفيف استفهام تقريري (ترضين) خطاب للرحم (أن أصل من وصلك) بأن اعطف عليه وأحسن إليه قال العلقمي قال ابن أبي جمرة # الوصل من الله كناية عن عظم إحسانه وإنما خاطب الناس بما يفهمونه ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبة الوصال وهو القرب وإسعافه بما يريده ومساعدته على ما يرضيه وكانت حقيقته مستحيلة في حق الله تعالى عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده (واقطع من قطعك) كناية عن حرمان الإنسان أي لا أعطف عليه ولا أحسن إليه (قالت) أي الرحم (بلى يا رب) أي رضيت (قال) أي الله (فذلك لك) بكسر الكاف فيهما أي اجعل لك ما ذكر قال العلقمي خاتمة قال في الفتح قال القرطبي الرحم التي توصل عامة خاصة فالعامة رحم الدين وتجب مواصلتها بالتودد التناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة وأما الرحم الخاصة فبمزيد النفقة على القريب تفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك وقال ابن أبي جمرة تكون صلة الرحم بالمال والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة فإذا كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هو وصلهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ثم أعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء بظهر الغيب أن يهتدوا إلى الطريق المتين وفي الحديث تعظيم أمر الرحم وإن وصلها مندوب مرغب فيه وإن قطعها من الكبائر لورود الوعيد الشديد فيه (ف) عن أبي هريرة

Page 367