فَصْلٌ
* يُجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ -فِي أَصَحِّ الْمَذْهَبَيْنِ وَأَشْهَرِهِمَا-؛ لِأَنَّ الْمَذَاهِبَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَصْحَابِهَا، وَلِهَذَا يُعتَدُّ بِهَا بَعْدَهُمْ (١) فِي الإجْمَاعِ وَالْخِلَافِ.
ويُؤَكِّدَهُ (٢): أَنْ مَوْتَ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الأدَاءِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْحُكْمِ بِشِهَادتِهِ، بِخِلَافِ الْفِسْقِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ أَهْلِيّتَهُ زَالتْ بِمَوْتِهِ، فَهُوَ كَمَا لَو فَسَقَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الاجْتِهَادِ فِيهَا -فِي أَحَدِ الْمَذَاهِب- فَرُبَّمَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَرَأْيُهُ فِيهَا (٣).
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ احْتِمَالًا؛ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا.
وَقُلْتُ (٤): "هَذَا إِنْ لَزِمَ السَّائِلَ تَجْدِيدُ السُّؤَالِ بِتَجَدُّدِ (٥) الْحَادِثَةِ لَهُ ثَانِيًا" (٦).
وَمَنْ نَصَرَ الأوَّلَ قَال: "الْأَصْلُ بَقَاءُ الاجْتِهَادِ وَالْحُكْمِ".