وَقَدْ سُئِلَ [الإِمَامُ] (١) أَحْمَدُ ﵁ عَمَّنْ يُفْتِي بِالْحَدِيثِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ (٢) إِذَا حَفِظَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ؟
فَقَال: "أَرْجُو".
فَقِيلَ لِأَبِي إِسْحَاقَ ابْنِ شَاقْلَا: فَأَنْتَ تُفْتِي، وَلَسْتَ تَحْفَظُ هَذَا القَدْرَ؟
فَقَال: "لَكِنِّي أُفْتِي بِقَوْلِ مَنْ يَحْفَظُ أَلْفَ أَلْفِ حَدِيثٍ" يَعْنِي الإِمَامَ أَحْمَدَ (٣).
* ثُمَّ إِنَّ الْمُسْتَفْتِيَ -فِيمَا يُفْتِيهِ بِهِ مِنْ تَخْرِيجِهِ هَذَا- مُقَلِّدٌ لِإمَامِهِ لَا لَهُ.
وَقِيلَ: "مَا يُخَرِّجُهُ أَصْحَابُ الْإِمَامِ عَلَى مَذْهَبِهِ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ (٤) إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَذْهَبُهُ؟ "
فِيهِ لَنَا وَلِغَيرِنَا خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ.
* وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ هُوَ: "الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى أَقْوَالِهِ، كَمَا يَتَمَكَّنُ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى [كُلِّ] (٥) مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوِ (٦) السُّنَّةُ أَوِ الاسْتِنْبَاطُ".