صلى الله عليه وسلم
سبعين سورة، وإن لزيد بن ثابت ذؤابتين يلعب مع الصبيان.» بل لقد حرض أهل العراق في عهد عثمان على ألا يعاونوا في هذا العمل، وكان يقول لهم: «إني غال مصحفي، فمن استطاع منكم أن يغل مصحفا فليفعل؛ فإن الله يقول:
ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة (آل عمران: 161)»، وخطب الناس يوما فقال:
ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة
غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت من في رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بضعا وسبعين سورة وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤبتان، والله ما نزل القرآن إلا وأنا أعلم متى وفي أي شيء نزل، ما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته.» كره رجال أفاضل من أصحاب النبي مقالة ابن مسعود، ورأوا فيها تحريضا على الفتنة لا مسوغ له. روي عن أبي الدرداء أنه قال: «كنا نعد عبد الله حنانا فما باله يواثب الأمراء!» صحيح أن عبد الله بن مسعود بدري وزيد بن ثابت ليس بدريا، ولعبد الله سابقة في الإسلام على زيد وعلى أبيه ثابت بن زيد، وهو قد تلقى عن رسول الله نيفا وسبعين سورة من القرآن، لكن زيدا كان كاتب رسول الله، وقد تلقى عنه القرآن كله إلى وفاته، يقول القرطبي: «الشائع الذائع المتعالم عند أهل الرواية والنقل أن عبد الله بن مسعود تعلم بقية القرآن بعد وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقد قال بعض الأئمة: مات عبد الله بن مسعود قبل أن يختم القرآن.» وقد جاء مصحف ابن مسعود خلوا من المعوذتين.
سقنا حديث عبد الله بن مسعود وغضبه حجة على حسن اختيار أبي بكر زيد بن ثابت لجمع القرآن، وذلك قول الصديق لزيد بعد أن أقنعه برأي عمر: «إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه.» ويضيف القرطبي على العبارة التي نقلناها في تفضيل زيد على عبد الله قول أبي بكر الأنباري: «إن زيدا كان أحفظ للقرآن من عبد الله؛ إذ وعاه كله ورسول الله حي، والذي حفظ منه عبد الله في حياة رسول الله
Unknown page