تمضي إلى الموت! أترى في دن سنش من شدة البأس ما يحدث ذعرا في قلب لا يقهر؟ ماذا أوهنك إلى هذا الحد أو ماذا قواه إلى هذا الحد؟
ألذريق يذهب للنزال فيتوهم أنه قتيل ولما يقتل؟
أذاك الذي لم يخش المغاربة، ولم تأخذه الرهبة من أبي يمضي للقاء دن سنش فييأس قبل مظنة اليأس؟
وعلى هذا فقد تكون حالة ينخلع فيها قلبك.
دن لذريق :
أبادر إلى العذاب لا إلى القتال، وصدق هواي لك قد أزال ولا ريب من نفسي أدنى رغبة في بقائي حين تطلبين مماتي. قلبي هو هو، ولكنني لا ساعد لي أحفظ به ما لا ترضين عنه. في الليلة البارحة أوشكت أن ألحق بالفارين لو كانت المناوأة في شأن لي، فأما وقد كنت أذود عن ملكي وشعبه وبلادي فقد خشيت أن أخونهم بسوء الدفاع عن نفسي، وفي قلبي من الكرم ما لا يبغض الحياة عليه إلى حد أن يخرج منها وقد اقترف غدرا.
أما الآن والمسألة لا تعدو مصلحتي بانفرادي، فأنت تتقاضين موتي، وأنا أمتثل لقضائك، وقد تقاضاك الحنق إلى إيثار يد غيرك - إذ لم أكن خليقا أن أموت بيدك - فلن أصد عني ضربات ذلك الخصم إذ هو أحق ما أراه برعايتي لأنه يقاتل في سبيلك، وأجذل ما أكون لعلمي أن ضرباته آتية منك، وأن سلاحه يشهر في سبيل شرفك. وسأكشف له صدري لا يقيه مجن. وسأعبد في يده يدك التي تودي بحياتي.
شيمان :
إذا كان واجبي الأليم، وقد أثار بي غضبا مشروعا وحداني على هذه الخصومة، قد حكم هذا الحكم القاسي على حبك لي، فحال دون ذودك عن نفسك من هجوم المطالب بحقي، فلا تنس في هذه الضلالة التي غشت على بصرك أن الخطب لا يقتصر على حياتك بل يتناول مجدك. وإن حسن سمعتك بالغا ما بلغ في أيامك لن يدفع قول الناس إذا قتلت إنك غلبت، ولا جرم أن شرفك أحب إليك مني، إذ إنه غمس يديك في دم أبي، وجعلك على هيامك بي تؤثره على قربي، وما زلت - كما أرى - لا تحسب لهذا الشرف أدنى حساب، فتأبى أن تحسن البلاء في القتال، وترضى أن ينال منك، فأي تباين في الخلق يوهي عزة نفسك، وعلام تخليت؟ أو علام تحليت بها قبلا. عجبا! ألست أسدا إلا علي؟ فإذا خلا النزال من إساءة إلي فارقتك البسالة.
أيهون عليك والدي وأنت غالبه، فتستسهل بعده أن يغلبك أحد. امض غير مصر على الموت، ودعني أتعقبك. وإن لم تكن راغبا في البقاء فلا يفتك النضح عن شرفك.
Unknown page