Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Genres
فلما ابتليت باستعمار واحد - طغى عليها من أقصاها إلى أقصاها - وجد فيها وطن واحد يواجه ذلك الاستعمار بمطلب واحد، وهو مطلب الخلاص منه، كيفما تعددت وسائله بين طلابه.
وولدت الهند مولدا جديدا في التاريخ.
وزال الاستعمار أو كاد، وبقيت الهند الجديدة، وبقيت معها علاقات يشتبك فيها الشرق والغرب، وتنتظم في الوحدة الإنسانية على نحو لم تعهده ولم تحلم به قبل محنة الاستعمار.
فإذا كان اتجاه العالم المعقول هو الاتجاه الذي تنتهي إليه الحوادث في حياة الفرد وحياة الإنسانية عامة، وكان هذا الاتجاه مما تلتقي عليه عوامل الوفاق وعوامل الشقاق، ويتوافى عنده ما يراد وما لا يراد - فمن عمل المؤرخ الباحث، لا من عمل المتدين المؤمن فحسب - أن يفهم للتاريخ معنى غير معنى المصادفة العمياء، وأن يرى للعالم مصيرا مقدورا يمضي إلى غاية هذا الاتجاه، حيث تهديه عناية الله.»
هذه النظرة إلى تطور النوع سهلة جلية لا تنأى بنا عن الواقع، ولا عن المعقول، ولكنها تضعنا أمام الواقع والمعقول وجها لوجه، ولا تجشمنا أن ندور بها حول الأحاجي والمعميات.
يتطور النوع فينتفع بمحصول النوع كله، ويزيل ما بين أجزائه من الحواجز والمسافات.
يبدأ الناس تاريخهم منعزلين متباعدين، فإذا أخذ التاريخ في التطور فهنالك تشتبك العلاقات بينهم مرحلة بعد مرحلة، فتتقارب المسافات، وتتقارب المواصلات، وتتقارب الحضارات، وتتقارب المصالح على علم أو على غير علم، فتصبح حياة النوع الواحد في العالم الواحد حقيقة يترجم عنها اضطراب سائر الأجزاء لاضطراب جزء منها في أقصى موقع من مواقع الدنيا الإنسانية، بما اشتملت عليه من الأصدقاء أو الأعداء.
وقد نرى هذا التقارب بين الطبقات على ما تقدم في الكلام عن الطبقة كما نراه في التقارب بين الأقوام وبين الحضارات.
وتؤثر هذه العلاقات الواسعة في حياة كل فرد من أفراد النوع بداهة ليصبح فردا من نوع بعد أن كان فردا من عشيرة، أو فردا من شعب، أو فردا من سلالة، أو فردا من دولة جامعة بين الشعوب والسلالات.
ولا شك أن هذا التأثير في حياة الفرد - بعد تقارب العلاقات العالمية - هو الذي يتمثل لنا كأنه تقييد لحريته أو إفناء لاستقلاله، تنفيذا للبرامج العالمية، وتحقيقا للتعاون بين الأمم ورسم الخطط التي يجري تطبيقها في كل أمة للتوفيق بين الجهود والتقابل بين المطالب والموارد في أمم كثيرة، لم تكن بينها مشاركة في المعاملات قبل ارتباط العلاقات العالمية أو العلاقات الإنسانية.
Unknown page