Shuhada Tacassub
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genres
أجاب: ليس ذلك بالأمر الذي يستحق الذكر بعدما أنقذتني كاترين مرتين: الأولى: في شنونسو، والثانية: في أرتناي.
قال: إن كاترين هذه ملكة عظيمة.
أجاب: منذ ليلتين نصبت شركا على يد خادمة إيطالية لسجاني، وسكر السجانون الآخرون، ثم أقبلت الملكة بنفسها علي.
قال: الملكة بنفسها؟
أجاب: نعم، فتناولت يدي وأعطتني جوادا وذهبا وسيفا، وغدارتين وخنجرا نفيسا، ورسالة إلى أمير كوندة، فأنا سفير يا أستاذي، وقد بحت لك بسري فأقسم لي على أن تموت قبل أن تبوح به.
فانشرح صدر برنابا لسرور تلميذه، ورفع زجاجة خمر بيده، وقال: إني أقسم لك. ثم قال: إن هذه الملكة بديعة، ولا أدري لماذا يفضل عليها الملك فرنسوا الثاني دوقة من فالنتين، وآل مدسيس أقدم نسبا؟ قال جاليو: بل يقال إن أسرتها قد تعاطت التجارة قديما. أجاب: كلا يا بني.
وهنا أخذ الأستاذ يسرد على تلميذه نسب أسرة مدسيس بإسهاب، حتى قال جاليو: تالله لئن لقيت الملكة كاترين لأطلعنها على تاريخ قومها.
فطفق برنابا يفيض في شرحه حتى غلب النعاس جاليو، فحمله كأنه يحمل طفلا صغيرا، ووضعه على فراشه، وقعد إلى جانبه لكي يرقب يقظته، إلا أنه ما لبث حتى نام مثله، وفيما كان جاليو يرى في حلمه مرسلين والملكة كاترين، ضرب باب الغرفة ضربات متوالية عنيفة، فصاح الأستاذ: مهلا بحق السماء! فعندي غلام نائم. فقيل له: افتح! قال: من أنتم؟ قيل: افتح باسم الملك!
فنهض جاليو وبادر إلى النافذة ليثب منها إلى الأرض ويفر، فأبصر تحتها ثلاثة رجال يحملون الحراب، فقال: ويلاه لقد فسد كل تدبير، ولكن لماذا تركتني أنام يا أستاذي؟ فأجابه: لقد كنت نائما نوما عميقا.
وتكرر النداء من الخارج فعرف جاليو صوت البارون دي برداليان. فتناول رسالة الملكة ودسها في ردنه حتى يبتلعها بسهولة عند الحاجة. ثم حشا غدارتيه وعلقهما في نطاقه، وشهر سيفه الطويل، وأعد خنجره، ثم طلب إلى برنابا أن يختبئ في إحدى الخزائن.
Unknown page