224

Dhikrā shuhadāʾ al-ʿilm waʾl-ghurba

ذكرى شهداء العلم والغربة

Genres

عبد العزيز جاويش (1) أي شهداء مصر، لحضرة الكاتب البليغ صادق أفندي عنبر المحرر بجريدة الأخبار

على تلك الآمال التي حالت آلاما، وتلك الأماني التي عدت عليها المنايا.

على تلك الأهلة التي هوت في غير هالتها ثم حملت إلى دارتها.

على أولئك الذين حيوا بموتهم ذلك حياة لا يلم عليها فناء ولا يلحقها عفاء.

على أولئك الذين رمت بهم همتهم وراء آمالهم ثم لج بهم العثار.

على أولئك الذين رحل كل منهم عن مصر وقد احتواها قلبه الآمل ثم أدخلوا إليها ليحويهم قلبها الثاكل.

على أولئك الذين خرجوا من ديارهم يتدفقون منى ونضرة وشبابا، وأبى القدر إلا أن يعودوا إليها أجساما هامدة وفكرا على الدهر خالدة.

على أولئك الذين أعجلتهم مناياهم من أمانيهم فقضوا نحبهم من قبل أن يقضوا من العلا أربهم تحية مصر وسلامها.

أي شهداء مصر، لقد رحلتم عن دياركم لا قالين ولا سالين، ولكن نزعة إلى ورود العلم صفوا من كل شائبة صوبت بكم إلى تلك الديار فانبعثتم أعلى ما كنتم همة وأوفى ما عهدتم للمجد ذمة، فلم تكادوا تقطعون المرحلة الأولى حتى ملك عليكم السبيل منزل الكواكب في غير داراتها ومحيلها عن قراراتها، فلما نعاكم النعاة إلى مصر نعوا إلى كل نفس جميل صبرها.

لقد كان خطبكم خطب هذا الوطن الذي إليه تعتزون وكنتم به تعتزون، فإنكم ما رحلتم عنه إلا لأجله ولا فصلتم عنه إلا لوصله، وإن أرواحكم المطلة من عليين لترى مصر اليوم وقد استحالت مأتما وتشهد هذا الوادي عليه سواده وتجتلي للنيل وقد أظله حداده جزعا عليكم وإشفاقا مما حل بكم.

Unknown page