54

Shubuhat al-Mushakikin

شبهات المشككين

Genres

٥٣- ولادة النبى محمد ﷺ عادية الرد على الشبهة: لأن ولادة السيد المسيح ﵇ تمت على هبة من الله ﵎ للسيدة العذراء مريم ﵍ وليس من خلال الزواج بينها وبين رجل. فبعض أهل الكتاب (النصارى منهم خاصة) يتصورون أن كل نبى لا بد أن يولد بمثل هذه الطريقة. وإذا كانت ولادة محمد ﷺ مثل غيره من ملايين خلق الله فإن هذا عندهم مما يعيبونه به ﷺ ويطعنون فى صحة نبوته. ١- فلم يدركوا أن بشرية محمد ﷺ هى واحدة من القسمات التى شاركه فيها كل رسل الله تعالى منذ نوح وإبراهيم وغيرهما من بقية رسل الله إلى موسى ﵇ الذين ولدوا جميعًا من الزواج بين رجل وامرأة. ولم يولد من غير الزواج بين امرأة ورجل إلا عيسى ﵇ وكان هذا خصوصية له لم تحدث مع أى نبى قبله، ولم تحدث كذلك مع محمد ﷺ. ٢- كانت ولادة محمد ﷺ إعلانًا لكونه بشرًا من البشر يولد كما يولد البشر ويجرى عليه من الأحوال فى أكله وشربه، وفى نومه وصحوه، وفى رضاه وغضبه وغير ذلك مما يجرى على البشر كالزواج والصحة والمرض والموت أيضًا. ٣- كان محمد ﷺ يعتز بهذه البشرية ويراها سبيله إلى فهم الطبيعة البشرية وإدراك خصائصها وصفاتها فيتعامل معها بما يناسبها، وقد اعتبر القرآن ذلك ميزة له فى قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) (١) . كما أعلن محمد ﷺ اعتزازه بهذه البشرية وعجزها حين أعلن قومه أنهم لن يؤمنوا به إلا إذا فجر لهم ينابيع الماء من الأرض، أو أن يكون له بيت من زخرف، أو أن يروه يرقى فى السماء وينزل عليهم كتابًا يقرأونه، فكان رده ﷺ كما حكاه القرآن: (قل سبحان ربى هل كنت إلا بشرًا رسولًا) (٢) . ٤- لقد قرر القرآن قاعدة كون الرسل من جنس من يرسلون إليهم؛ بمعنى أن يكون المرسلون إلى الناس بشرًا من جنسهم، ولو كان أهل الأرض من جنس غير البشر لكانت رسل الله إليهم من نفس جنسهم وذلك فى قوله تعالى: (قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكًا رسولًا) (٣) . وعلى المعنى نفسه جاءت دعوة إبراهيم ﵇: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك) (٤) . وقوله تعالى: (كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم يتلو عليكم آياتنا) (٥) . وقوله تعالى (لقد مَنّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) (٦) . وقوله تعالى (فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله..) (٧) . وقوله تعالى (هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم) (٨) . وغير هذا كثير مما أكده القرآن وهو المنطق والحكمة التى اقتضتها مشيئته - تعالى - لما هو من خصائص الرسالات التى توجب أن يكون المرسل إلى الناس من جنسهم حتى يحسن إبلاغهم بما كلفه الله بإبلاغه إليهم وحتى يستأنسوا به ويفهموا عنه. ومن هنا تكون " بشرية الرسول " بمعنى أن يجرى عليه ما يجرى على الناس من البلاء والموت ومن الصحة والمرض وغيرها من الصفات البشرية فيكون ذلك أدعى لنجاح البلاغ عن الله.

(١) التوبة: ١٢٨. (٢) الإسراء: ٩٣. (٣) الإسراء: ٩٥. (٤) البقرة: ١٩٥. (٥) البقرة ١٥١. (٦) آل عمران: ١٦٤. (٧) المؤمنون: ٣٢. (٨) الجمعة: ٢.

1 / 102