279

Al-ṭabīʿiyyāt min kitāb al-Shifāʾ

الطبيعيات من كتاب الشفاء

Genres

والثانية بالقياس إلى أمور خارجة عن الحركة ، مثل أن طرفى المسافة المتصلة بين السماء والأرض هما (1) مثلا نقطتان أو مكانان. وطباع (2) النقطتين والمكانين لا تتضاد ولا تتقابل تقابل السواد والبياض (3)، بل يتقابل الأمر خارج ، وذلك الأمر إما غير متعلق بالنسبة إلى الحركة وإما متعلق بها. أما الخارج من النسبة إلى الحركة ، فبأن يكون أحد الطرفين فى غاية القرب من الفلك ، والطرف الثاني فى غاية البعد (4) منه ، فيكون طرف منه لزمه إن كان علوا ، والآخر (5) لزمه إن يكون سفلا. وأما المتعلق بالنسبة إلى الحركة ، فمثل أن يكون أحد الطرفين عرض له أن يكون مبدأ الحركة الواحدة ، والآخر عرض له أنه (6) منتهى لتلك الحركة. فقياس كل واحد منهما إلى الحركة مخالف ، ومقابل لقياس (7) الآخر. فإنه (8) وإن كان قياس كل واحد منهما إلى الحركة قياس المقابل (9) بالإضافة (10)، إذ المبدأ مبدأ (11) لذى المبدأ (12)، والمنتهى منتهى لذى المنتهى ، وكذلك بالعكس فى الأمرين ، فليس مقابلة (13) ما بين المبدأ والمنتهى هذه المقابلة ، فإن المبدأ لا يقابل المنتهى بأنه مقول (14) بالقياس إليه ، فإنه ليس يلزم أنه إذا كان للحركة مبدأ ما ، وجب أن يفهم من هذا بعينه أن لها (15) منتهى ، عسى إن كان ولا بد فيعلم (16) بدليل ووسط من خارج ، والأمر فى المنتهى كذلك. والمضافان أيهما علم ، لزم العلم بالآخر ، فليس ابتداء المسافة متصور الماهية بالقياس إلى منتهاها ، ولا منتهاها متصور الماهية بالقياس مبتداها (17)، فليس بينهما تقابل المضاف ، وبينهما لا محالة تقابل. أعنى إذا كانا فى المستقيمة (18)، إذ يستحيل أن يكون المبدأ والمنتهى مجتمعين فى شيء ، وأحدها بالقياس إليه مبتدأ (19) ومنتهى ، اجتماعا فى زمان واحد ، وليس أحدهما معنى عدميا للآخر ، حتى (20) يكون المنتهى عدم المبتدأ (21) بالتضاد (22)، ولا وجه من وجوه (23) التقابل إلا التقابل بالتضاد. وأما فى غير المستقيم ، فلا يبعد أن يكون شيء واحد مبدأ أو منتهى للحركة التي ليست على الاستقامة ، فلا يكون فى المبدأ (24) والمنتهى هناك تضاد وتقابل (25)، وليس يقع الشك فى أن القسم الأول يجعل الحركات متضادة ، وأما القسمان الآخران فيشبه أن يقع هذا

Page 283