والشوق قد يختلف، فمنه ما يكون ضعيفا بعد ومنه ما يشتد حتى يوجب الإجماع، والإجماع ليس هو الشوق، فقد يشتد الشوق إلى الشىء ولا يجمع على الحركة البتة كما أن التخيل يقوى فلا يشتاق إلى ما يتخيل، فإذا صح الإجماع أطاعت القوى المحركة التى ليس لها إلا تشنج العضل وإرسالها، وليس هذا نفس الشوق ولا الإجماع، فإن الممنوع من الحركة لا يكون ممنوعا من شدة الشوق ومن الإجماع لكنه لا يجد طاعة من القوى الأخرى التى لها أن تحرك فقط، وهى التى فى العضل وهذه القوة الشوقية من شعبها القوة الغضبية والقوة الشهوانية، فالتى تنبعث مشتاقة إلى اللذيذ والمتخيل نافعا لتجلبه هى الشهوانية، والتى تنبعث مشتاقة إلى الغلبة وإلى المتخيل منافيا لتدفعه فهى الغضبية، وقد نجد فى الحيوانات انبعاثات لا إلى شهواتها بل مثل نزاع التى ولدت إلى ولدها والذى ألف إلى إلفه، وكذلك اشتياقها إلى الانفلات من الأقفاص والقيود، فهذا وإن لم يكن شهوة للقوة الشهوانية فإنه اشتياق ما إلى شهوة للقوة الخيالية، فإن القوة المدركة تخصها فيما تدرك وفيما تنقلب فيه من الأمور التى تتجدد بالمشاهدة أو من الصور مثلا لذة تخصها، فإذا تألمت بفقدانها اشتاقت إليها طبعا، فأجمعت القوة الإجماعية على أن تحرك إليها الآلات كما تجمع لأجل الشهوة والغضب ولأجل الجميل من المعقولات أيضا، فيكون للشهوة اشتداد الشوق إلى اللذيذ وللقوة النزوعية الإجماع، وللغضب اشتداد الشوق إلى الغلبة وللقوة النزوعية الإجماع، وكذلك للتخيل أيضا ما يخصه وللقوة النزوعية الإجماع،
Page 195