Shifāʾ al-ghirām bi-akhbār al-balad al-ḥarām
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى ١٤٢١هـ
Publication Year
٢٠٠٠م
Genres
History
قبل اشتغاله بغيرها مما صنعه في الكعبة، أو بدأ قبل الصلاة بالذكر والدعاء ونحو ذلك مما صنعه في الكعبة، فإن كان الأول: فكيف يخفى على أسامة ﵁؟ وإن كان الثاني وهو مقتضى كلام النووي فالحال يقتضي أن أسامة ﵁ يلزم النبي ﷺ ليقتدي به فيما يسمعه من دعواته الخيرية الجامعة النافعة، وحسن ثنائه على الله تعالى، وأن لا ينفرد عنه بمكان في الكعبة يدعو فيه ويذكر حتى لا يعلم ما يصنع النبي ﷺ والله أعلم.
وأما الوجه الذي ذكره ابن حبان في الجمع بين الاختلاف في صلاة النبي ﷺ في الكعبة فإن فيه نظرا، لأن النبي ﷺ دخل الكعبة يوم فتح مكة، ودخل معه يومئذ أسامة، وبلال، وعثمان بن طلحة والفضل بن عباس ﵃، على خلاف في الفضل، وحديث دخول الفضل معهم في مسند أحمد بن حنبل وسنن النسائي.
ولفظ أحمد: حدثنا هشيم قال: أنبأنا غير واحد، وابن عون، عن نافع، عن ابن عمر قال: دخل رسول الله ﷺ البيت ومعه الفضل بن العباس وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال.... الحديث.
وإسناد هذا الحديث صحيح، ولكن في صحيح مسلم ما يخالفه، على ما سيأتي بيانه.
وثبت من حديث ابن عمر ﵄ أن بلالا ﵁ أثبت صلاة النبي ﷺ في الكعبة لما دخلها يوم فتح مكة، وثبت من حديث أسامة والفضل ﵄ نفي صلاة النبي ﷺ في الكعبة، وليس في حديثهما التصريح بالزمن الذي نفيا فيه الصلاة، في حجة الوداع، لما قال ابن حبان، والأول أشبه بالصواب، لأنه إذا دار الأمر بين حمل حديثهما من نفي الصلاة على زمن ثبت دخولهما فيه إلى الكعبة، وبين حمل ذلك على زمن لم يثبت لهما فيه دخوله، فحمله على الزمن الذي ثبت دخولهما فيه أولى، وفي حمله على الوجه الذي ذكره ابن حبان إشكال، لأن ذلك يستلزم دخول النبي ﷺ الكعبة في حجة الوداع، ودخول أسامة ﵁ ومن نفى معه صلاة النبي ﷺ في الكعبة، ولم يرد خبر يشعر بذلك، فكيف يحمل على ذلك حديث من نفى الصلاة في الكعبة كما قال ابن حبان.
ولا يعارض ذلك حديث عائشة ﵂ لدخول النبي ﷺ الكعبة في حجة الوداع. ولفظه: قالت: خرج النبي ﷺ من عندي وهو قرير العين طيب النفس فرجع إلى وهو حزين، فقلت له: فقال: "إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن دخلت، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي". لأن في إسناد هذه الحديث من نسب إلى
1 / 201