Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons

Abd al-Hayy Yusuf d. Unknown
62

Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons

دروس الشيخ عبد الحي يوسف

Genres

تعدد سبب النزول توقف الكلام بنا عند تعداد الوقائع في آية واحدة؛ لأنه قد يقال: سبب نزول الآية كذا ويُذكر سبب، أو نزلت هذه الآية في شأن كذا وكذا ويذكر سبب آخر، فماذا نصنع في تلك الحال؟ نقول: إذا كانت الروايتان صحيحتين ولا تعارض بينهما فيحملا على تعدد السبب. فمثلًا: آية اللعان، لو أن إنسانًا اتهم زوجته -والعياذ بالله- بالزنا، فلا يطلب منه أن يأتي بأربعة شهود، وإنما يحلف أربع مرات أن هذه المرأة قد زنت، وأنه رآها تزني، وإذا كان هناك حمل يحلف بأن هذا الحمل ليس منه، وفي المرة الخامسة يقول: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فلو أن الزوجة اعترفت بالزنا، ترجم، ولو أنها نفت فإنها تطالب بأن تحلف أربع مرات بأنها ما زنت، وأن هذا الرجل قد كذب عليها، وأن هذا الحمل الذي في بطنها منه، وفي المرة الخامسة تقول: غضب الله عليها إن كان من الصادقين. هذا التشريع سببه: أن هلال بن أمية الواقفي ﵁ اتهم زوجته بالزنا، وفي رواية أخرى أن الذي اتهم امرأته بالزنا هو: عويمر العجلاني ﵁ نقول: لا تعارض؛ فإنه يمكن أن يكون هذا الصحابي قد جاء، ثم جاء آخر بعده؛ فشكا من الواقعة نفسها؛ فنزلت الآية في السببين معًا، أي: يحمل ذلك على تعدد الواقعة. وأحيانًا يكون هناك روايتان لكن يمكن أن نرجح إحداهما على الأخرى، مثال ذلك: ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: (كنت أمشي مع رسول الله ﷺ وهو متكئ على عسيب، فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: لو سألتموه عن الروح واليهود دائمًا يحاولون طرح الأسئلة لمحاولة إحراج الرسول ﷺ فقام النبي ﷺ ساعة ورفع رأسه، يقول ابن مسعود: فعرفت أنه يوحى إليه، فقال: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء:٨٥]). وهذه القصة حصلت في المدينة؛ لأن مكة ليس فيها يهود، لكن جاء في سنن الترمذي عن عبد الله بن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل -يعنون: النبي ﷺ فقال لهم اليهود: سلوه عن الروح، فسألوه، فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ [الإسراء:٨٥]، هذه الحادثة الثانية رواها عبد الله بن عباس، ويدل على أنها وقعت في مكة، وأن وفدًا من قريش ذهبوا إلى اليهود في المدينة، وعرف منهم هذا السؤال، ورجعوا إلى الرسول في مكة، وأن السائلين هم المشركون، فلو أردنا أن نرجح بين الروايتين فسنرجح الرواية الأولى؛ لأن راويها ابن مسعود وهو أقدم إسلامًا من ابن عباس، لأن الرسول ﷺ توفي وعمر عبد الله بن عباس خمس عشرة سنة؛ فإنه سئل: كم كان عمرك حين توفي رسول الله ﷺ؟ قال: توفي وأنا غلام ختين. يعني: مختون، وكانوا لا يختنون الغلام حتى يبلغ، وفي بعض الروايات: أنه كان عمره ثلاثة عشر عامًا، وعلى كلا التقديرين فلم يكن ابن عباس حاضرًا القصة، والحاضر هو ابن مسعود؛ فلذلك نرجح روايته على رواية ابن عباس رضي الله عن الجميع.

8 / 3