* الكلام في الصفات
* فصل
* والغرض به الكلام في أن الله تعالى قادر
اعلم ، أن أول ما يعرف استدلالا من صفات القديم جل وعز إنما هو كونه قادرا ، وما عداه من الصفات يترتب عليه. لأن الدلالة التي دلت على أنه تعالى هو المحدث للعالم ، دلت على هذه الصفة التي هي كونه تعالى قادرا من غير واسطة. وليست كذلك باقي الصفات ، لأنا نحتاج فيها إلى واسطة أو واسطتين أو وسائط ، فلهذا قدمنا الكلام فيه.
وتحرير الدلالة على ذلك ، هو أنه تعالى قد صح منه الفعل ، وصحة الفعل تدل على كونه قادرا.
فإن قيل : الدلالة هي صحة الفعل أو وقوعه ، قلنا : بل الدلالة هي صحة الفعل ، لأنه لو وقع لا على طريق الصحة بل على طريق الوجوب ، لم يدل على كونه قادرا. وهذه الدلالة مبنية على أصلين ، أحدهما ، أنه تعالى قد صح منه الفعل ، والثاني ، أن صحة الفعل تدل على كونه قادرا.
أما الذي يدل على أنه تعالى قد صح منه الفعل ، فهو أنه وقع منه الفعل ، وهو أجسام العالم وكثير من الأعراض ، ولو لم يصح لم يقع ، إذ الوقوع أمر زائد على الصحة.
وأما الذي يدل على أن صحة الفعل دلالة على كونه قادرا ، فهو أن نرى في الشاهد جملتين ، إحداهما ، صح منه الفعل كالواحد منا ، والأخرى تعذر عليه الفعل ، كالمريض المدنف. فمن صح منه الفعل فارق من تعذر عليه بأمر من الأمور ، وليس ذلك إلا صفة ترجع إلى الجملة وهي كونه قادرا. وهذا الحكم ثابت في الحكيم تعالى ، فيجب أن يكون قادرا لأن طريق الأدلة لا تختلف شاهدا غائبا.
** شبهات وردود
فإن قيل : قد وجدتم كثيرا من المفارقات ولا تعللونه ، فهلا ألحقتم هذه المسألة
Page 97