124

يقتضي أن لا تتميز العلة عن المعلل به ، ومن شأن ما نجعله علة أن يكون متميزا من المعلل به ، بل ما قلناه أولى لأن في هذا اتباع الصفة للعلة ، وما ذكروه اتباع العلة للصفة وذلك عكس الواجب.

وأما ما قالوه من أنه لو كان عالما لمعنى لوجب في ذلك المعنى أن يكون بصفة العلم ، وكذلك إذا كان عالما لذاته وجب في ذاته أن تكون بصفة العلم ، فذلك جمع بين أمرين من غير علة تجمعهما فلا يقبل.

ثم يقال لهم : أليس أنه تعالى لو كان عالما لمعنى لكان ذلك المعنى قد أوجب الحكم لغيره ، وكان علة فيه ولم يلزم ذلك إذا كان عالما لذاته ، فكيف يصلح ما ذكرتموه ، وهل هذا إلا كأن يقال : الجوهر لو كان جوهرا لمعنى ، لكان لا بد لذلك المعنى من أن يكون على صفة من الصفات ، لها لمكانها يوجب تلك الصفة ، فكذلك الآن وهو جوهر لذاته وجب في ذاته أن يكون بصفة ذلك المعنى ، فكما أن ذلك خلف من الكلام كذلك في مسألتنا.

** من شبههم السمعية

وللمخالف في هذا الباب شبه من جهة السمع ، قد تعلقوا بها قد ذكرناه ، وبعضها نذكره الآن.

ممن جملة ما لم نذكره ، تعلقهم بقوله الله سبحانه : ( أنزله بعلمه ) [النساء : 166] وقوله تعالى : ( ولا يحيطون بشيء من علمه ) [البقرة : 255] وقوله تعالى : ( فلنقصن عليهم بعلم ) [الأعراف : 7] وهذا يدل على أنه تعالى عالم بعلمه.

وربما يستدلون بالسمع على إثبات القدرة لله تعالى ، فيقولون : وإنه تعالى قال : ( والسماء بنيناها ) بأييد ( وإنا لموسعون ) (1) [الذاريات : 47] أي بقوته ، وقال : ( هو أشد منهم قوة ).

والأصل في الجواب عن ذلك ، أن الاستدلال بالسمع على هذه المسألة غير ممكن ، لأن صحة السمع ينبني على كونه عدلا حكيما ، وكونه حكيما ينبني على أنه تعالى عالم لذاته ، فكيف يصح ذلك؟

Page 139