** والثالث
تعالى فينا ، فإن وقوعها من جهة العالم بمعتقدها وجه في كونها علما.
ولا خلاف في هذه الوجوه بين الشيخين.
وقد زاد شيخنا أبو عبد الله وجهين آخرين :
** أحدهما
الظلم على الجملة ، ثم يعلمه في شيء بعينه أنه ظلم ، فيلحقه بتلك الجملة المقررة في عقله ، أن كل ظلم قبيح.
** والثاني
وقد خرج على مذهب أبي هاشم وجه سادس ، فقيل : لو اعتقد أحدنا تقليدا أن زيدا في الدار ، ثم بقي ذلك الاعتقاد إلى أن يشاهده فيها ، فإن ذلك الاعتقاد ينقلب علما لمقارنة هذا العلم الضروري.
إلا أن هذا إنما يستقيم على قوله إذا جوز البقاء على الاعتقاد ، وذلك عندنا لا يجوز ، لأن هذا يقتضي أن ينقلب الحسن قبيحا والقبيح حسنا ، وذلك لا يجوز ، فهذا هو الكلام في الوجوه التي يقع عليها الاعتقاد فيصير علما.
** الاعتقاد لا يقع إلا ممن هو عالم
وأما الكلام في أن الاعتقاد لا يقع إلا على هذه الوجود. ولا يتأتى إلا ممن هو عالم ، فهو أنه لو لم يكن المرء عالما بالدليل على الوجه الذي يدل ، لم يولد نظره العلم ، ولا أمكنه اكتساب العلم ، هذا في الوجه الأول. وأما الوجه الثاني ، فكذلك لأنه لو لم يكتسب العلم بالنظر والاستدلال ، لم يمكن تذكر النظر والاستدلال على وجه يدعوه إلى فعل العلم. وكذلك الوجه الثالث ، فإنه لو لم يكن عالما بالمعتقد لم يكن الاعتقاد الواقع منه علما.
وأما ما زاده الشيخ أبو عبد الله البصري فظاهر أيضا ، لأنه لو لم يكن عالما بقبح الظلم على الجملة لا يمكنه إلحاق التفصيل بالجملة ، وهكذا الكلام في الوجه الثاني ، فإنه لو لم يكن عالما لم يمكنه تذكير العلم.
Page 125