Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen
شرح عمدة الأحكام لابن جبرين
Genres
أدلة المواقيت من القرآن
ومواقيت الصلوات الخمس قد ذكرت في السنة موضحة، ووردت أيضًا إشارة إليها في القرآن، استنبطت من مثل قوله تعالى: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ﴾ [هود:١١٤] فقالوا: الطرف الأول الفجر، والطرف الثاني: الظهر والعصر، أي: طرفي النهار، (وزلفًا من الليل) يعني: المغرب والعشاء، فإنهما في أول الليل.
وأخذت من قوله تعالى: ﴿أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء:٧٨] (دلوك الشمس): ميلها، ويدخل فيه الظهر والعصر، و(غسق الليل): ظلمة الليل، ويدخل فيه المغرب والعشاء، (قرآن الفجر) صلاة الفجر.
وأخذت من قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم:١٧-١٨] فقيل: (حين تمسون) صلاة المغرب والعشاء، (وتصبحون) صلاة الفجر، (وعشيًا) صلاة العصر، (وحين تظهرون) صلاة الظهر، فالأوقات وجدت أدلتها في القرآن.
ولا شك أن إيقاعها في وقتها هو الأكمل والأفضل، وأن تأخيرها عن وقتها يعتبر ذنبًا قد يسبب نقص أجرها، وقد يسبب العقوبة عليها، وقد فسر قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون:٤-٥] بأنهم الذين يؤخرونها عن وقتها، يقول بعض السلف: أما إنهم لم يتركوها، ولو تركوها لكانوا كفارًا، ولكن أخروها عن وقتها؛ فتوعدهم الله تعالى بالويل، فدل على أن من شروطها إيقاعها في وقتها.
فلا يجوز تقديمها قبل الوقت، ومن قدمها لم تجزئه، فمن صلى المغرب قبل غروب الشمس، أو صلى الفجر قبل طلوع الفجر، أو صلى الظهر قبل زوال الشمس لم تقبل منه، حيث إنه لم يجعلها في وقتها، ومن أخرها حتى خرج وقتها اعتبر مفرطًا، كالذي يصلي الفجر بعدما تطلع الشمس، أو يصلي الظهر في الليل أو ما أشبه ذلك، لا شك أن هذا قد فرط وفوت الوقت الذي شرعت فيه الصلاة.
8 / 5