196

Sharh Talwih

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Genres

قوله: "ثم إن اتسق" أي انتظم وارتبط والمراد هاهنا أن يصلح ما بعد لكن تداركا لما قبلها مثل ما جاءني زيد لكن عمرو، وزيد قائم لكن عمرو قاعد، وما أكرمت زيدا لكن أهنته بخلاف ما جاء زيد لكن ركب الأمير، وزيد قائم لكن عمرو قاعد وما أكرمت زيدا لكن أهنته بخلاف ما جاء زيد لكن ركب الأمير وزيد قائم لكن عمرو ليس بكاتب، وبالجملة يكون المذكور بعد هذا حر أو هذا وهذا يعتق الثالث ويخبر في الأولين كأنه قال أحدهما حر وهذا وإذا استعمل أو في النفي يعم نحو {ولا تطع منهم آثما أو كفورا} أي لا هذا ولا ذاك لأن تقديره لا تطع أحدا منهما فيكون نكرة في موضع النفي فإن قال لا أفعل هذا أو هذا يحنث بفعل أحدهما وإذا قال هذا وهذا يحنث بفعلهما لا بأحدهما لأن المراد المجموع إلا أن يدل الدليل على أن المراد أحدهما بأن لا يكون للاجتماع تأثير في

مرتبطا فحملناه على نفي السبب فلما نفى كونه قرضا تدارك بكونه غصبا فصار الكلام مرتبطا "ولا يكون ردا لإقراره" بل يكون نفي السبب "بخلاف ما إذا تزوجت أمة بغير إذن مولاها بمائة فقال لا أجيز النكاح لكن أجيزه بمائتين ينفسخ النكاح وجعل لكن مبتدأ لأنه لا يمكن إثبات هذا النكاح بمائتين" ففي هذه المسألة الكلام غير متسق لأن اتساقه بأن لا يصح النكاح الأول بمائة لكن يصح بمائتين وذا لا يمكن لأنه لما قال لا أجيز النكاح انفسخ النكاح الأول فلا يمكن إثبات ذلك النكاح بمائتين فيكون نفي ذلك النكاح وإثباته بعينه

...................................................................... ..........................

لكن مما يكون الكلام السابق بحيث يتوهم منه المخاطب عكسه أو يكون فيه تدارك لما فات من مضمون الكلام السابق، والاتساق هو الأصل حتى يحمل عليه الكلام ما أمكن كما في قوله لا لكن غصب حيث حمل على وقوع الخطأ في السبب فنفى القرض وأثبت الغصب فاتسق الكلام بخلاف ما إذا قال لا أجيز النكاح لكن أجيزه بمائتين لأنه نفى إجازة النكاح عن أصله فلا معنى لإثباته بمائة أو بمائتين، وإنما يكون متسقا لو قال لا أجيزه بمائة، ولكن أجيزه بمائتين ليكون التدارك في قدر المهر لا في أصل النكاح فلا يبطل. صرح بذلك في جامع قاضي خان، وهو الموافق لما تقرر عندهم من أن النفي في الكلام راجع إلى القيد بمعنى أنه يفيد الحكم مقيدا بذلك القيد لا رفعه عن أصله بل إنما يفيد إثباته مقيدا بقيد آخر فإن قيل النكاح المنعقد الموقوف هو ذلك النكاح المقيد بمائة فإذا بطل لم يبق شيء حتى ينعقد بمائتين قلنا هو نكاح مقيد، وإبطال الوصف ليس إبطالا للأصل.

قوله: "أو لأحد الشيئين" فإن كانا مفردين فهي تفيد ثبوت الحكم لأحدهما، وإن كانا جملتين تفيد حصول مضمون إحداهما، وقد ذهب كثير من أئمة النحو والأصول إلى أنها في الخبر للشك بمعنى أن المتكلم شاك لا يعلم أحد الشيئين على التعيين فرد ذلك بأن وضع الكلام للإفهام فلا يوضع للشك، وإنما يحصل الشك من محل الكلام وهو الإخبار فإن الإخبار بمجيء أحد الشخصين قد يكون لشك المتكلم فيه بأن يعلم أن الجاني أحدهما، ولا يعلم بعينه، وقد يكون لتشكيك السامع لغرض له في ذلك، وقد يكون لمجرد إبهام وإظهار نصفه مثل: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} [سبأ:24] بالجملة الإخبار بالمبهم لا يخلو عن غرض إلا أن المتبادر منه إلى الفهم هو إليك فمن هاهنا ذهب البعض إلى أن أو للشك، والتحقيق أنه لا نزاع لأنهم لم يريدوا إلا تبادر الذهن إليه عند الإطلاق، وما ذكروه من أن وضع الكلام للإفهام على تقدير تمامه إنما يدل على أن أو لم توضع للتشكيك، وإلا فالشك أيضا معنى يقصد إفهامه بأن يخبر المتكلم المخاطب بأنه شاك في تعيين أحد الأمرين.

Page 200