Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "لن يغلب عسر يسرين" منقول عن ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم، وروي عن النبي عليه السلام أنه خرج إلى أصحابه ذات يوم فرحا مستبشرا، وهو يضحك، ويقول: "لن يغلب عسر أبي حنيفة رحمه الله يعتقهم إلا واحدا لأن من للتبعيض إذا دخل على ذي أبعاض كما في كل من هذا الخبز، ولأنه متيقن فوجب رعاية العموم، والتبعيض، وفي المسألة الأولى هذا مراعى لأن عتق كل معلق بمشيئته مع قطع النظر عن غيره فكل واحد بهذا الاعتبار بعض.
أنه واحد مفرد فحينئذ لا تبطل الوحدة، ولو لم يثبت هذا أي عتق كل واحد. "وليس البعض أولى من البعض لبطل" أي الكلام "بالكلية، وفي الثاني، وهو قوله أي عبيدي ضربته يثبت الواحد، ويتخير فيه الفاعل" إذ هناك يمكن التخيير من الفاعل المخاطب بخلاف الأول "نحو: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" هذا نظير الأول فإن طهارته متعلقة بدباغته من غير أن يكون له فاعل معين يمكن منه التخيير فيدل على العموم. "ونحو كل أي حين تريد" هذا نظير الثاني فإن التخيير من الفاعل المخاطب ممكن هنا فلا يتمكن من أكل كل واحد بل أكل واحد لكن يتخير فيه المخاطب، ومثل هذا الكلام للتخيير في العرف.
"ومنها من، وهو يقع خاصا كقوله تعالى: {ومنهم من يستمعون إليك} [يونس:42]: {ومنهم من ينظر إليك} [يونس:43] {ومنهم من ينظر إليك} " فإن المراد بعض مخصوص من المنافقين. "ويقع عاما في العقلاء إذا كان للشرط نحو "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" فإن قال من شاء من عبيدي عتقه فهو حر فشاءوا عتقوا، وفيمن شئت من عبيدي عتقه فاعتقه فشاء الكل يعتق الكل عندهما عملا بكلمة العموم، ومن للبيان، وعند أبي حنيفة رحمه الله يعتقهم إلا واحدا" لأن من للتبعيض إذا دخل على ذي أبعاض. "كما في كل من هذا الخبز، ولأنه متيقن" أي البعض متيقن لأن من إذا كان للتبعيض فظاهر، وإن كان للبيان فالبعض مراد فإرادة البعض متيقنة، وإرادة الكل محتملة. "فوجب رعاية العموم، والتبعيض، وفي المسألة الأولى هذا مراعى لأن عتق كل معلق بمشيئته مع قطع النظر عن غيره فكل واحد بهذا الاعتبار بعض" أي كل واحد مع قطع النظر عن غيره بعض من المجموع فيعتق كل واحد مع رعاية التبعيض بخلاف من شئت فإن المخاطب إن شاء الكل فمشيئة الكل مجتمعة فيه فيبطل التبعيض، وهذا الفرق، والفرق الأخير في أي مما تفردت به.
...................................................................... ..........................
يسرين"، وهذا يدل على أن الثاني مغاير للأول في النكرة بخلاف المعرفة فتنكير يسرا للتفخيم أو للأفراد، وتعريف العسر للعهد أي العسر الذي أنتم عليه أو الجنس أي الذي يعرفه كل أحد فيكون اليسر الثاني مغايرا للأول بخلاف العسر، وقد قال فخر الإسلام فيه نظر، ووجهوه بأن الجملة الثانية هاهنا تأكيد للأولى لتقريرها في النفس، وتمكينها في القلب لأنها تكرير صريح لها فلا يدل على تعدد اليسر كما لا يدل قولنا إن مع زيد كتابا أن مع زيد كتابا على أن معه كتابين فأشار إليه المصنف بقوله: والأصح أن هذا تأكيد.
Page 104