Sharḥ Ṭalʿat al-Shams ʿalā al-Alfiyya
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genres
وللكناية حكمان: أحدهما: ثبوت ما يراد بها مع النية والقصد، لذلك فإذا لم ينو شيئا لم يقض بثبوت موجبها. وثانيهما: عدم إثباتها ما يندرئ بالشبهة؛ فيجب دفع موجبها إذا كان مما يدفع بالشبهات، كالحدود، فلا يحد إذا أقر على نفسه بموجب الحد بطريق الكناية، كما إذا قال: جامعتها أو واقعتها، أو نحو ذلك، وكذلك أيضا لا يحد بالتعريض كما إذا قال: لست أنا بزان تعريضا بأن المخاطب زان، فإنه كناية أيضا، فإن قيل: لو قذف رجلا، فقال آخر: هو كما قلت، يحد مع أنه ليس بصريح.
أجيب: بأن كاف التشبيه تفيد العموم عندهم في محل يقبله، وهذا المحل قابل؛ فيكون نسبة له إلى الزنا بلا احتمال، والله أعلم.
ثم إنه أخذ في بيان أقسام الوجه الذي يكون به أخذ الحكم من اللفظ، فقال:
# مبحث دلالة اللفظ على الحكم
اعلم أن معنى الدلالة عند علماء الأصول والبيان: فهم المعنى من اللفظ إذا أطلق بالنسبة إلى العالم بالوضع، فاللفظ هو الدليل، والمعنى هو المدلول عليه، والعالم بالوضع الآخذ بالدليل هو المستدل، وفهم المعنى من اللفظ هي الدلالة الوضعية اللفظية، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: إلى مطابقة كلالة زيد على الشخص المسمى بذلك، وكدلالة الأسد على الحيوان المفترس المخصوص، وإلى تضمن كدلالة الحيوان على بعض أنواعه دون بعض، وكذلك كما إذا قلتك رأيت حيوانا راكبا على فرس، فإن لفظ: حيوان ههنا دال على الإنسان من بين سائر أنواعه بقرينة الركوب على الفرس، وإلى: التزام كدلالة اللفظ على لازم معناه، نحو: قوله تعالى: { وأحل الله البيع وحرم الربا } (البقرة: 275)، فإنه دال على التفرقة بين البيع والربا، وهي لازم المعنى، والمعتبر عندهم في دلالة الالتزا مطلق اللزوم عقليا كان أو غيره، بينا كان أو غيره، ولهذا يجري فيها الوضوح والخفاء، ثم إن اللفظ الدال على المعنى إما أن يدل عليه بعبارته أو بإشارته أو باقتضائه أو بدلالته، وسيأتي بيان كل واحد من هذه الأقسام قريبا.
ووجه حصر دلالة اللفظ على معناه في هذه الأربعة الأقسام هو أن الحكم المستفاد من النظم إما أن يكون ثابتا بنفس النظم أولا.
Page 254