Sharh Talcat Shams
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genres
إذا ورد البيان متكررا بعد ورود المجمل فإما أن يتفق البيانان في المعنى المشروع، وإما أن يختلفا بأن يكون مدلول أحدهما مخالفا لمدلول الآخر، فإن اتفقا فالأول من البيانين هو البيان، وإن جهلنا التاريخ مثل$، والثاني منها تأكيد الأول وإن كان أوهى دلالة مثلا، وقال بعض الأصوليين إن أوهى البيانين وأضعفهما هو بيان المجمل، وإن أقوى منهما هو المؤكد، واحتجوا على ذلك بأن الأقوى لا يؤكد بالأضعف.
وأجيب: بأن هذا في التأكيد الغير المستقل، أما المستقل فلا يلزم فيه ذلك، ألا ترى أن الجملة تؤكد بجملة دونها نحو: إن زيدا قائم، وإن اختلف البيانان فأما أن يتقاوما في القوة تساقطا إذ لا دليل يرجح الأخذ بأحدهما دون الآخر، ويبقى الإجمال على حاله، وإن تفاوتا في القوة كما إذا كان أحدهما فعلا، والآخر قولا فإنه يكون الأقوى منها هو البيان، ويلغى الأضعف وذلك كما إذا أمرنا صلى الله عليه وسلم بطواف واحد وطاف هو طوافين، وكان هذا بعد نزول آية الحج المشتملة على الأمر بالطواف، فإن القول عندنا هو البيان لمجمل الآية، وإن فعله صلى الله عليه وسلم خاص به نعم يندب أن يطاف طوافين تأسيا به صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حكم فعله عليه الصلاة والسلام، أما إذا طاف طوافا واحدا وأمرنا بطوافين فالواجب علينا ما أمرنا به وليس لنا أن نترك منه شيئا؛ لأنه مختص بذلك من دوننا وهذا كله تقدم القول على الفعل، أو تأخر، وقال أبو الحسين البصري البيان هو المتقدم منهما كما في قسم اتفاقهما؛ أي فإن كان المتقدم القول فحكم الفعل كما سبق أو الفعل، فالقول ناسخ للزائد منه، قلنا عدم النسخ بما قدمناه أولى والله أعلم.
{ مبحث الحقيقة والمجاز }
الحقيقة مأخوذة من حقيقة الشيء إذا ثبت سميت بها الكلمة المستعلمة فيما وضعت له لثبوتها في موضعها فهي فعيلة بمعنى فاعل على سبيل التجوز في إسناد الحقيقة إليها، والمجاز مأخوذ من جاز بالمكان إذا تعداه سميت به الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لمجاوزتها الموضع الذي وضعتها له العرب.
Page 193