فعلهما لُعن وشُتم، فلما صارا سببًا لذلك أضيف إليهما الفعل، فكان
كأنهما اللاعنان، وقد يكون اللاعن أيضًا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى
مفعول، كقولهم: سر كاتم، وعيشة راضية،/أي: مكتوم ومرضية "،
وهذا من أقسام المجاز العقلي، وهو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له
بتأول.
قوله: " الذي يتخلى " أي: الرجل الذي يتفرغ لقضاء حاجته في طريق
الناس، والتقدير: أحدهما الذي يتخلى.
قوله: " أو ظلهم " أي: أو الذي يتخلى في ظل الناس، والمراد به
مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلًا ومناخًا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم
القعود للحاجة تحته، فقد قعد رسول الله ﷺ لحاجته تحت حائش من
النخل، وللحائش لا محالة ظل. وقال ابن الأثير: الحائش: " النخل
الملتف المجتمع، كًانه لالتفافه يحوش بعضه إلى بعض، وأصله
واوي " (١) . وحديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم.
١٥- ص- وثنا إسحاق بن سويد الرملي وعمر بن الخطاب- وحديثه
أتم-، أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرني نافع بن يزيد قال: حدثني
حيوة بن شريح، أن أبا سعيد الحميري حدثه، عن معاذ بن جبل قال: قال
رسول الله ﷺ: " اتقُوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطّريق،
والظّلّ " (٢) .ً
ش- إسحاق بن سويد الرملي، روى عن: سعيد بن الحكم بن
أبي مريم، وإسماعيل بن أبي أويس، والوليد بن نصر. روى عنه:
أبو داود، والنسائي- وقال: ثقة- ومحمد بن محمد الباغندي،
ومكحول البيْروتي (٣) .
(١) انظر: النهاية لابن الأثير (١/٤٦٨) مادة: " حيش "، وقال: أصله واوي،
وإنما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.
(٢) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: النهي عن الخلاء على قارعة الطريق (٣٢٨) .
(٣) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (٢/٣٢٧) .