Sharḥ Sunan Abī Dāwūd lil-ʿAbbād
شرح سنن أبي داود للعباد
Genres
شرح حديث: (إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء.
حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبان حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه، وإذا شرب فلا يشرب نفسًا واحدًا)].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء، يعني: عند قضاء الحاجة، فإن الإنسان عندما يستنجي أو يستجمر يبتعد عن مس ذكره وإزالة ما حصل في قبله من شيء على إثر قضاء الحاجة بيمينه، فإن ذلك يكون بالشمال ولا يكون باليمين؛ لأن اليمين إنما هي للأكل والشرب والأخذ والإعطاء وغير ذلك من الأمور الطيبة.
وأما الأمور الأخرى التي فيها إزالة أذى كالاستنجاء والاستجمار والتمخط وغير ذلك فإنما تكون بالشمال.
وقد أورد أبو داود ﵀ حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال: (إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه)، يعني: عند تنزهه واستجماره واستنجائه لا يستعمل اليمين في ذلك، وإنما يستعمل الشمال، وهذا هو مقصود أبي داود ﵀ من إيراد هذا الحديث تحت هذه الترجمة.
قوله: [(وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه)]، يعني: أنه لا يستعمل اليمين لا في مس الذكر ولا في إزالة آثار البول، وإنما يستعمل اليسار سواء في قبله أو دبره.
فكل ما يتعلق بإزالة الأذى إنما يكون بالشمال ولا يكون باليمين سواء بالنسبة للقبل أو الدبر.
قوله: [(وإذا شرب فلا يشرب نفسًا واحدًا)]، يعني: أنه لا يستمر في الشرب والإناء في فمه؛ لأنه لابد أن يتنفس في الإناء إذا استمر، ولكن عليه أن يخرج الإناء ويتنفس ثم يعيده، ويكون ذلك ثلاث مرات كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله ﷺ.
فلا يشرب الإنسان نفسًا واحدًا؛ لأن الشرب بنفس فيه مضرة على الإنسان في شربه وفيما يترتب على استعمال الماء بهذه الطريقة الذي يعب فيها الماء عبًا ويسرع ويكون ذلك بنفس واحد.
وتنفس الإنسان في الماء الذي يشربه شيء سيئ وليس بحسن، وإنما عليه أن يشرب بثلاثة أنفاس وليس بنفس واحد، بحيث يزيل الإناء عن فمه ثم يعيده ثم يخرجه ويتنفس ثم يعيده؛ هكذا جاء في السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
10 / 3