Sharḥ al-Siyar al-Kabīr
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Ḥanafī Law
فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. أَيْ كَانُوا عَدَدًا قَلِيلًا لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ دَفْعِ جَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى إخْرَاجِ الذَّرَارِيِّ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ. فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا النِّسَاءَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الثُّغُورِ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ يُضَيِّعُونَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الثُّغُورِ، وَيَأْمَنُونَ الضَّيَاعَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الصَّائِفَةِ وَالسَّرِيَّةِ. إلَّا أَنَّ هُنَاكَ كُرِهَ إخْرَاجُ النِّسَاءِ مَعَ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ لِلْمُبَاضَعَةِ، وَلَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الثَّغْرِ إذَا كَثُرَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. لِأَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ لَا يَطُولُ مُقَامُهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى النِّسَاءِ مُدَّةَ مُقَامِهِمْ فِي الظَّاهِرِ. فَأَمَّا أَهْلُ الثُّغُورِ يَطُولُ مُقَامَهُمْ فِي الثَّغْرِ، بَلْ يُؤْمَرُونَ بِأَنْ لَا يَبْرَحُوا مِنْهَا. وَإِذَا كَانُوا عُزَّابًا ضَجِرُوا بِالْمُقَامِ فِيهَا، فَلِهَذَا لَمْ يَرَ بَأْسًا بِأَنْ يَتَّخِذُوا فِيهَا النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيِّ.
٢٥٧ - فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الثَّغْرِ: لَا نَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْعَدُوِّ بِأَنْفُسِنَا إنْ أَتَانَا وَلَكِنْ نَسْتَغِيثُ بِالْمُسْلِمِينَ فَيَأْتِينَا الْغِيَاثُ مِنْهُمْ فَنَدْفَعُ بِهِمْ الْعَدُوَّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الثُّغُورِ أَيْضًا. لِأَنَّهُمْ لَا يَقْوَوْنَ عَلَى الدَّفْعِ عَنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَلُحُوقُ الْغَوْثُ بِهِمْ لِلدَّفْعِ مَوْهُومٌ. وَلَا يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الْمَوْهُومِ خُصُوصًا فِيمَا يَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهِ الْأَخْذَ بِالِاحْتِيَاطِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنْ تَقَعَ فِتْنَةٌ أَوْ عَصَبِيَّةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَشْتَغِلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا عَلَى إغَاثَةِ تِلْكَ الثُّغُورِ، فَيَضِيعُ مَنْ
1 / 211