Sharḥ al-Siyar al-Kabīr
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Ḥanafī Law
وَفِي هَذَا اللَّفْظِ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْإِجْرَاءُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ جَهَنَّمَ تَبْعُدُ مِنْهُ. وَيُؤَيَّدُ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ [الأنبياء: ١٠٢] .
لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّبْعِيدِ الْأَمْنُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ عَنْ جَهَنَّمَ كَانَ آمِنًا مِنْهَا.
وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فِي التَّقْدِيرِ بِحَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي نِيَّةِ الْمُجَاهِدِ (١٥ ب) أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي بَيَانِ تَبْعِيدِ جَهَنَّمَ مِنْهُ لَا حَقِيقَةَ الْمَسَافَةِ، وَذِكْرُ السَّبْعِينَ وَالْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَأَيَّدَ هَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ [التوبة: ٨٠] .
٧ - وَعَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَهْتِفُ بِأَهْلِ مَكَّةَ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ يَا أَهْلَ الْبَلْدَةِ أَلَا الْتَمِسُوا الْأَضْعَافَ الْمُضَاعَفَةَ فِي الْجُنُودِ الْمُجَنَّدَةِ وَالْجُيُوشِ السَّائِرَةِ. أَلَا وَإِنَّ لَكُمْ الْعُشْرَ وَلَهُمْ الْأَضْعَافُ الْمُضَاعَفَةُ.
وَهَذِهِ خُطْبَةُ الِاسْتِنْفَارِ لِتَحْرِيضِ النَّاسِ عَلَى الْجِهَادِ. وَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَوَاطِنَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ [الأنفال: ٦٥] ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ عُمَرُ ﵁ فِي تَحْرِيضِ أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ تَقَاعَدُوا عَنْ الْجِهَادِ.
1 / 12