شرح شافية ابن الحاجب
تأليف الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي ٦٨٦ هـ
مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الأدب المتوفي عام ١٠٩٣ من الهجرة
حققهما، وضبط غريبهما، وشرح مبهمهما، الاساتذة:
محمد نور الحسن - المدرس في تخصص كلية اللغة العربية
محمد الزفزاف - المدرس في كلية اللغة العربية
محمد محيى الدين عبد الحميد - المدرس في تخصص كلية اللغة العربية
دار الكتب العلمية بيروت - لبنان
1 / 1
(جميع الحقوق محفوظة للشراح)
١٣٩٥ - ١٩٧٥ م بيروت - لبنان
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه
ومن والاه.
أما بعد، فهذا شرح أفضل المحققين، وأبرع المدققين، العالم الذي لا يشق غُبَاره، ولا يدْرِك مداه، نجم الملة والدين، محمد رضي الدين بن الحسن الأستراباذي، على مقدمة العلامة النحوي الفقيه الاصولي أبي بكر المعروف بابن الحاجب التي جمع فيها زبدة فن التصرف في أوراق قليلة، غَيْرَ تارك مما يجب علمه ولا يجمل بالمتأدب جهله شيئًا، مشيرًا فيها إلى اختلاف العلماء أحيانًا، وإلى لغات العرب ولهجاتهم أحيانًا أخرى.
وقد ظَلَّ شرح رضي الدين ﵀ رغم كثرة طبعاته وتعددها - سِرًّا محجوبًا، وكَنْزًا مدفونًا، لا يقرب منه أحا إلا أَخَذَهُ البَهْر، وأعجزه الوقوف على غوامضه وأسراره، ذلك لأنه كتاب ملأه صاحبه تحقيقًا، وأفعمه تدقيقًا، وجمع فيه أوابد الفن وشوارده، وأتى بين ثناياه على غرر ابن جني وتدقيقه، وأسرار ابن الانباري واستدلاله وتعليله، وإضافة المازني وترتيبه، وأمثلة سيبويه وتنظيره، ولم يترك في كل ما بحثه لقائل مَقالًا، ولا أبقى لباحثٍ منهجًا، حتى كان كتابه حَريًا بأن ينتجعه طالب الفائدة، ويقبل على مدارسته واستذكاره كل من أراد التفوق على أقرانه في تحصيل مسائل العلم ونوادره، وكان الذين قاموا على طبعه في الآستانة ومصر لم يعطوه من العناية ما يستحقه، حتى جاء في منظر أقلُّ ما يقال فيه إنه يبعد عنه، ولا يقرب منه، وبقي قراء العربية إلى يوم الناس هذا يعتقدون أن الكتاب وَعْرُ المسلك، صعبُ المُرْتَقى، لا تصل إليه الأفهام، ولا تدرك حقائقه الأوهام، فلم يكونوا
1 / 3
ليقبلوا عليه، ولا ليتعرضوا له، والكتاب - علم الله - من أمتنع الكتب وأوفاها، وأحلفها بالنافع المفيد، وأدناها إلى من ألقى له بالًا، ولم يثنه عن اقتطاف ثماره ما أحاط بها من قَتَاد.
وكم كنا نَوَد أن الله تعالى قَيَّضَ لنا من تنبعث همته إلى نشره على وَجْهٍ يرضى به الانصاف وعرفانُ الجميل، حتى أتيحت لنا هذه الفرصة المباركة، ووُكل
إلينا أمر مراجعته وإيضاح ما يحتاج إلى الإيضاح منه، فعكفنا على مراجعة أصوله، وضبط مبهماته، وشرح مفرداته، والتعليق على مسائله وما يختاره المؤلف من الآراء تعليقًا لا يُمِلّ قارئه ولا يحوجه إلى مراجعة غيره.
ثم عرض لنا أن نذيله بشرح شواهده الذي صنّفه العالم المطلع المحقق عبد القادر البغدادي صاحب (خزانة الأدب، ولب لباب لسان العرب) التي شرح فيها شواهد شرح رضي الدين على مقدمة ابن الحاجب في النحو، فلما استقر عندنا هذا الرأي لم نشأ أن نطيل في شرح الشواهد أنناء تعليقاتنا، وأرجأنا ذلك إلى هذا الشرح الوسيط، واجتزأنا نحن بالإشارة المفهمة التي لا بدّ منها لبيان لغة الشاهد وموطن الاستشهاد.
وليس لأحدنا عمل مستقل في هذا الكتاب، فكل ما فيه من مجهود قد اشتركنا ثلاثتنا فيه إشتراكًا بأوسع ما تدل عليه العبارة، فلم يَخُطَّ أحدنا حرفًا أو حركة إلا بعد أن يقر الآخران ما أراد، فإن يكن هذا العمل قد جاء وافيًا بما قصدنا إليه، مؤديًا الغرض الذي رجونا أن يؤديه، كان ذلك غاية أملنا ومنتهى سؤلنا، وإن تكن الأخرى فهذا جهد المقل، وحسبك من غِنىً شبع وري.
والله تعالى المسئول أن يتقبل منا، وأن يجعل عملنا خالصًا لوجهه، مقر بامنه، امين كتبه محمد نور الحسن محمد الزفزاف محمد محيي الدين عبد الحميد
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم [وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم] أما بعد حمد الله توالي نعمه، والصلاةِ على رسوله محمد وعِتْرَتهِ المعصومين، فقد عزمت على أن أشرح مقدمة ابن الحاجب في التصريف والخط، وَأَبْسُطَ الكلام في شرحها كما في شَرْحِ أُخْتِها بَعضَ البَسْطِ، فإن الشُّرَّاح قد اقتصروا على شرح مُقَدِّمة الإعراب، وهذا - مع قرب التصريف من الإعراب في مَسَاس الحاجة إليه، ومع كونهما من جنس واحد - بعيدٌ من الصواب، وعلى
الله المُعَوَّل في أن يوفقني لإتمامه، بمنه وكرمه، وبالتوسل بِمَنْ أنا في مُقَدَّس حرمه، عليه من الله أزكى السلام، وعلى أولاده الغرِّ الكرام.
قال المصنّف: (الحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاة عَلَى سَيِّدنا محمَّدٍ وَآلِهِ الطاهرين.
وَبَعْد فَقَدِ التَمَسَ مِنِّي مَنْ لا تَسْعنِي مُخَالَفَته أنْ أُلحَقَ بِمقدِّمَتِي في الإعْرابِ مُقَدِّمَةً في التَّصْرِيفِ عَلَى نَحْوِها، ومقدِّمَةً في الخَطِّ، فَأَجَبْته سائلًا متضرِّعًا أنْ يَنْفَعَ بِهِما، كَمَا نَفَعَ بأختهما والله الموفق.
التَّصريفُ عِلْمٌ بأُصُولٍ تُعْرَفُ بها أَحْوَالُ أَبْنِيَةِ الكلم التي ليس بإِعْراب.
أقول: قوله (بأصول) يعني بها القوانين الكلية المنطبقةَ على الجزئيات،
1 / 1