Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī - Usāma Sulaymān
شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان
Genres
باب قول النبي ﷺ: (إنا بك لمحزونون)
قال ﵀: [باب قول النبي ﷺ: (إنا بك لمحزونون).
وقال ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ: (تدمع العين ويحزن القلب)].
فللعين البكاء، وللقلب الحزن، (ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ﷿.
ثم أتى بحديث أنس بن مالك الذي هو عند البخاري برقم (١٣٠٣).
قال: [حدثنا الحسن بن عبد العزيز حدثنا يحيى بن حسان حدثنا قريش بن حيان عن ثابت عن أنس بن مالك ﵁ قال: (دخلنا مع رسول الله ﷺ على أبي سيف القيّن)].
وأبو سيف القين هو زوج من أرضعت إبراهيم بن النبي ﵊، والقيّن هو الحداد، فقد كان يعمل حدادًا.
قال: [(دخلنا على أبي سيف القين وكان ظئرًا لـ إبراهيم)].
الظئر هو: زوج المرضعة، فهو صاحب اللبن.
قال: [(وكان ظئرًا لـ إبراهيم ﵇، فأخذ رسول الله ﷺ إبراهيم فقبّله وشمه)].
الشم عمومًا يجوز، فلو أن امرأة تشك أن ولدها يدخن، فلها عند نومه أن تشم ما يخرج منه من رائحة.
قال: [(فقبّله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله ﷺ تذرفان -تدمعان- فقال له عبد الرحمن بن عوف ﵁: وأنت يا رسول الله؟)] أي: أن ابن عوف يقول: وأنت يا رسول الله! أيضًا تبكي؟ وهذه من المواضع التي بكى فيها النبي ﷺ.
قال: [(فقال: يا ابن عوف! إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى -أي: بدمعة أخرى- فقال ﷺ: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم! لمحزونون)].
والمقصود: أن الحزن عند نزول المصيبة لا بأس به، والحزن للقلب والدمع للعين، لكن لا تتسخّط على قدر الله، فبكاء العين من رحمة الله ﷿، وقد بكى النبي ﷺ على ولده إبراهيم، وإبراهيم ﵇ هو ابن النبي ﷺ من مارية القبطية، ومات إبراهيم وهو يرضع قبل أن يتم الحولين، مات وهو ابن أربعة عشر شهرًا على اختلاف بين العلماء، ولذلك قال ﷺ: (إن ابني مات على الثدي، إن له مرضعة في الجنة، وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا إبراهيم! لمحزونون).
10 / 8