129

Sharh Riyadh as-Salihin by Ibn Uthaymeen

شرح رياض الصالحين لابن عثيمين

Publisher

دار الوطن للنشر

Publication Year

1426 AH

Publisher Location

الرياض

وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا لم يبادر بالعمل الصالح فإنه- حري أن يحرم إياه، كما قال الله سبحانه) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الأنعام: ١١٠) فالإنسان إذا علم الحق ولم يقبله ويذعن له من أول وهلة، فإن ذلك قد يفوته ويحرم إياه- والعياذ بالله- كما أن الإنسان إذا لم يصبر علي المصيبة من أول الأمر فإنه يحرم أجرها، لقول النبي ﵊: «إنما الصبر عند الصدمة الأولي» .
فعليك- يا أخي - أن تبادر بالأعمال الصالحة، ولا تتأخر فتتمادي بك الأيام ثم تعجز وتكسل ويغلب عليك الشيطان والهوى فتتأخر، فها هو- ﵁ كل يوم يقول: أخرج، ولكن تمادي به الأمر ولم يخرج.
يقول: فكان يحز في نفسه أنه إذا خرج إلي سوق المدينة وإذا المدينة ليس فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصارن إلا رجل مغموس في النفاق- والعياذ بالله- قد غمسه نفاقة فلم يخرج، أو رجل معذور عذره الله ﷿. فكان يعتب علي نفسه: كيف لا يبقي في المدينة إلا هؤلاء وأقعد معهم. ورسول الله صلي الله عليه وسلم لم يذكره ولم يسأل عنه حتى وصل إلي تبوك.
فبينما هو جالس وأصحابه في تبوك سأل عنه، فقال رسول الله أين

1 / 134