غزا النبي صلي الله عليه وسلم الروم وهم على دين النصارى حين بلغه أنهم يجمعون له، فغزاهم النبي ﵊، وقام بتبوك عشرين ليلة، ولكنه لم ير كيدًا ولم ير عدوا فرجع. وكانت هذه الغزوة في أيام الحر حين طابت الثمار وصار المنافقون يحبون الدنيا على الآخرة، فتخلف المنافقون عن هذه الغزوة ولجأوا إلي الظل والرطب والتمر، وبعدت عليهم الشقة والعياذ بالله.
أما المؤمنون الخلص، فإنهم خرجوا مع النبي- ﵊ ولم يثن عزمهم بعد الشقة ولا طيب الثمار.
إلا أن كعب بن مالك- ﵁ تخلف عن غزوة تبوك بلا عذر، وهو من المؤمنين الخلص، ولهذا قال: «إنه ما تخلف عن رسول الله صلي الله عليه وسلم عن غزوة غزاها قط» كل غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم قد شارك فيها كعب- ﵁ فهو من المجاهدين في سبيل الله «إلا في غزوة بدر»، فقد تخلف فيها كعب وغيره، لأن النبي صلي الله عليه وسلم ﵊ خرج من المدينة لا يريد القتال، ولذلك لم يخرج معه إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا فقط؛ لأنهم كانوا يريدون أن يأخذوا عيرا لقريش، أي إبل محملة قدمت من الشام تريد مكة وتمر بالمدينة.
فخرج النبي - عليه الصلاة والسلام_ من أجل أن يستقبل هذه العير ويأخذها، وذلك لأن أهل مكة أخرجوا النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه من ديارهم وأموالهم؛ فلهذا كانت أموالهم غنيمة للنبي- ﵊ ويحل له أن يخرج ليأخذها، وليس في ذلك عدوان من رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه،