306

Sharḥ Nukbat al-Fikar

شرح نخبة الفكر

Publisher

دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير

وهل تدخل الملائكة فيمن لقي النبي ﵊ مؤمنًا به؟ محل نظر، قد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثًا إليهم أو لا؟ وقد نقل الرازي الإجماع على أنه ﷺ لم يكن مرسلًا إلى الملائكة، لم يكن مرسلًا إلى الملائكة، ونوزع في هذا النقل، بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلًا إليهم، لكن كونه مرسل إليهم أو غير مرسل لا فائدة وراءه، هم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، هؤلاء الخلق أنفاسهم عبادة، جميع تصرفاتهم عبادة، ولا يتلبسون بالمعصية، حيل بينهم وبين الشهوات، فكونه مرسل إليهم أو غير مرسل الخلاف لفظي، قال ابن حجر: "وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى"، وقال بعضهم: لا يعد صحابيًا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته للنبي ﵊، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه، واشترط بعضهم في صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت، اختار البخاري في صحيحه أن من صحب النبي ﷺ أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه، يعني مجرد رؤية حال كونه مؤمنًا به يكون صحابي، ورجحه ابن حجر في الفتح إلا أنه هل يشترط في الرائي أن يكون بحيث يميز ما رآه أو يكتفى بمجرد حصول الرؤية؟ محل نظر، وعمل من صنف في الصحابة يدل على الثاني، أنه يكتفى بمجرد حصول الرؤية، يدل على الثاني فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبي بكر الصديق وإنما ولد قبل وفاة النبي ﷺ بثلاثة أشهر وأيام، كما ثبت في الصحيح، أن أمه أسماء بنت عميس ولدته في حجة الوداع قبل أن يدخلوا مكة، ولدته في المحرم قبل أن يدخلوا مكة، وذلك في أواخر ذي القعدة سنة عشر، ومع ذلك فأحاديث هذا الضرب مراسيل بلا شك.
يستحيل أن يكونوا سمعوا من النبي ﵊ مباشرة شيئًا، لكن في إثبات الصحبة لهذا الضرب نظر.

9 / 30