325

Sharḥ Nahj al-Balāgha

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

قال نصر : هذه رواية محمد بن علي بن الحسين والشعبي ، وروى جابر عن زيد بن الحسن بن الحسن زيادات على هذه النسخة : هذا ما تقاضى عليه ابن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما فيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ؛ قضية علي على أهل العراق ومن كان شيعته من شاهد أو غائب ، وقضية معاوية على أهل الشام ومن كان من شيعته من شاهد أوغائب ؛ إننا رضينا أن ننزل عند حكم القرآن فيما حكم ، وأن نقف عند أمره فيما أمر ، فإنه لا يجمع بيننا إلا ذلك ، وإنا جعلنا كتاب الله سبحانه حكما بيننا فيما اختلفنا فيه ، من فاتحته إلى خاتمته ، نحيي ما أحيا القرآن ، ونميت ما أماته ، على ذلك تقاضينا ، وبه تراضينا . وإن عليا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله ابن قيس ناظرا ومحاكما ، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما ، على أنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه ، وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه ليتخذان الكتاب إماما فيما بعثا إليه ، لا يعدوانه إلى غيره ما وجداه فيه مسطورا ، وما لم يجداه مسمى في الكتاب رداه إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجامعة ، لا يعتمدان لها خلافا ، ولا يتبعان هوى ، ولا يدخلان في شبهة ؛ وقد أخذ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص على علي ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله وسنة نبيه ، وليس لهما أن ينقضا ذلك ولا يخالفاه إلى غيره ؛ وأنهما آمنان في حكمهما على دمائهما وأموالهما وأهلهما ، ما لم يعدوا الحق ؛ رضي بذلك راض أو أنكره منكر . وإن الأمة أنصار لهما على ما قضيا به من العدل ، فإن توفي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة فأمير شيعته وأصحابه يختارون مكانه رجلا ، لا يألون عن أهل المعدلة والإقساط على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق والحكم بكتاب الله وسنة رسوله ، وله مثل شرط صاحبه ، وإن مات أحد الأميرين قبل القضاء ، فلشيعته أن يولوا مكانه رجلا يرضون عدله . وقد وقعت هذه القضية ، ومعها الأمن والتفاوض ، ووضع السلاح والسلام والموادعة ، وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه ألا يألوا اجتهادا ، ولا يتعمدا جورا ، ولا يدخلا في شبهة ، ولا يعدوا حكم الكتاب ، فإن لم يقبلا برئت الأمة من حكمهما ، ولا عهد لهما ولا ذمة ، وقد وجبت القضية على ما قد سمي في هذا الكتاب من مواقع الشروط على الحكمين والأميرين والفريقين ، والله أقرب شهيدا ، وأدنى حفيظا . والناس آمنون على أنفسهم وأهلهم وأموالهم إلى انقضاء مدة الأجل ، والسلاح موضوع ، والسبل مخلاة ، والشاهد والغائب من الفريقين سواء في الأمن ، وللحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق والشام ، لا يحضرهما فيه إلا من أحبا عن ملإ منهما وتراض ، وإن المسلمين قد أجلوا هذين القاضيين إلى انسلاخ شهر رمضان ، فإن رأيا تعجيل الحكومة فيما وجها له عجلاها ، وإن أرادا تأخيرها بعد شهر رمضان إلى انقضاء الموسم فذلك إليهما ، وإن هما لم يحكما بكتاب الله وسنة نبيه إلى انقضاء الموسم فالمسلمون على أمرهم الأول في الحرب ، ولا شرط بين الفريقين ، وعلى الأمة عهد الله وميثاقه على التمام والوفاء بما في هذا الكتاب ، وهم يد على من أراد فيه إلحادا وظلما ، أو حاول له نقضا . وشهد فيه من أصحاب علي عشرة ، ومن أصحاب معاوية عشرة ؛ وتاريخ كتابته لليلة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين .

قال نصر : وحدثنا عمرو بن سعيد ، قال : حدثني أبو جناب ، عن ربيعة الجرمي ، قال : لما كتبت الصحيفة دعي لها الأشتر ، ليشهد مع الشهود عليه ، فقال : لا صحبتني يميني ولا نفعني بعدها الشمال إن كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح أو موادعة ، أو لست على بينة من أمري ويقين من ضلالة عدوي ! أو لستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور ! فقال له رجل من الناس : والله ما رأيت ظفرا ولا خورا هلم فأشهد على نفسك ، وأقرر بما كتب في هذه الصحيفة ، فإنه لا رغبة لك عن الناس . فقال : بلى والله ، إن لي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا ، وفي الآخرة للآخرة ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء رجال ما أنت عندي بخير منهم ، ولا أحرم دما .

Page 139