Sharḥ Nahj al-Balāgha
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
قال نصر : وحدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : لما أراد الناس علينا أن يضع الحكمين ، قال لهم : إن معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص ، وإنه لا يصلح للقرشي إلا مثله ، فعليكم بعبد الله بن العباس فارموه به ، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حلها عبد الله ، ولا يحل عقدة إلا عقدها ، ولا يبرم أمرا إلا نقضه ، ولا ينقض أمرا إلا أبرمه . فقال الأشعث : لا والله ، لا يحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعة ، ولكن اجعل رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر ، فقال علي عليه السلام : إني أخاف أن يخدع يمنيكم ، فإن عمرا ليس من الله في شيء إذا كان له في أمر هوى . فقال الأشعث : والله لأن يحكما ببعض ما نكره ، وأحدهما من أهل اليمن ، أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب في حكمهما وهما مضريان ، قال : وذكر الشعبي مثل ذلك .
قال نصر : فقال علي عليه السلام : قد أبيتم إلا أبا موسى ! قالوا : نعم ، قال : فاصنعوا ما شئتم ، فبعثوا إلى أبي موسى - وهو بأرض الشام يقال لها عرض قد اعتزل القتال - فأتاه مولى له ، فقال : إن الناس قد اصطلحوا ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، قال : وقد جعلوك حكما ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ! فجاء أبو موسى حتى دخل عسكر علي عليه السلام ، وجاء الأشتر عليا ، فقال : يا أمير المؤمنين ألزني بعمرو بن العاص ، فوالذي لا إله غيره ، لئن ملأت عيني منه لأقتلنه .
وجاء الأحنف بن قيس عليا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك قد رميت بحجر الأرض ؛ ومن حارب الله ورسوله أنف الإسلام ، وإني قد عجمت هذا الرجل - يعني أبا موسى - وحلبت أشطره ، فوجدته كليل الشفرة قريب القعر ، وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ، ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم منهم ، فإن شئت أن تجعلني حكما فاجعلني ، وإن شئت أن تجعلني ثانيا أو ثالثا ، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حللتها ، ولا يحل عقدة إلا عقدت لك أشد منها .
فعرض علي عليه السلام ذلك على الناس فأبوه ، وقالوا : لا يكون إلا أبا موسى .
Page 135