280

Sharḥ Nahj al-Balāgha

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

وخرج مروان بسيفه يجالد الناس ، فضربه رجل من من بني ليث على رقبته ، فأثبته وقطع إحدى علباويه ، فعاش مروان بعد ذلك أوقص ، وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليذفف عليه ، فقامت دونه فاطمة أم إبراهيم بن عدي - وكانت أرضعت مروان وأرضعت له - فقالت له : إن كنت تريد قتله فقد قتل ، وإن كنت إنما تريد أن تتلعب لحمه فأقبح بذلك ! فتركه ، فخلصته وأدخلته بيتها ، فعرف لها بنوه ذلك بعد ، واستعملوا ابنها إبراهيم ، وكان له منهم خاصة .

وقتل المغيرة بن الأخنس بن شريق ، وهو يحامي عن عثمان بالسيف ، واقتحم القوم الدار ، ودخل كثير منهم الدور المجاورة ، وتسوروا من دار عمرو بن حزم إليها حتى ملأوها ، وغلب الناس على عثمان وندبوا رجلا لقتله ، فدخل إليه البيت ، فقال له : اخلعها وندعك ، فقال : ويحك ! والله ما كشفت عن امرأة في جاهلية ولا إسلام ، ولا تعينت ولا تمنيت ، ولا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله ، ولست بخالع قميصا كسانيه الله ، حتى يكرم أهل السعادة ، ويهين أهل الشقاوة .

فخرج عنه فقالوا له : ما صنعت ؟ قال : إني لم أستحل قتله ، فأدخلوا إليه رجلا من الصحابة ، فقال له : لست بصاحبي ، إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لك أن يحفظك يوم كذا ، ولن تضيع ؛ فرجع عنه .

فأدخلوا إليه رجلا من قريش ، فقال له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لك يوم كذا ، فلن تقارف دما حراما ، فرجع عنه .

فدخل عليه محمد بن أبي بكر ، فقال : له عثمان : ويحك ! أعلى الله تغضب ! هل لي إليك جرم إلا أني أخذت حق الله منك ؟ فأخذ محمد بلحيته ، وقال : أخزاك الله يا نعثل ! قال : لست بنعثل ، ولكني عثمان وأمير المؤمنين ؛ فقال : ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان ، فقال عثمان : يابن أخي ، دعها من يدك ، فما كان أبوك ليقبض عليها ، فقال : لو عملت ما عملت في حياة أبي لقبض عليها ، والذي أريد بك أشد من قبضي عليها ، فقال : أستنصر الله عليك وأستعين به ، فتركه وخرج . وقيل : بل طعن جبينه بمشقص كان في يده ، فثار سودان بن حمران ، وأبو حرب الغافقي وقتيرة بن وهب السكسكي ، فضربه الغافقي بعمود كان في يده ، وضرب المصحف برجله ، وكان في حجره ، فنزل من بين يديه وسال عليه الدم .

وجاء سودان ليضربه بالسيف ، فأكبت عليه امرأته نائلة بنت الفرافصة الكلبية ، واتقت السيف بيدها وهي تصرخ ، فنفح أصابعها فأطنها ، فولت ، فغمز بعضهم أوراكها ، وقال : إنها لكبيرة العجز ، وضرب سودان عثمان فقتله .

Page 94