Sharḥ Nahj al-Balāgha
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم ، فإن الناس في ظلكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم . أنتم أهل العزة والمنعة ، وأولوا العدد والكثرة ، وذووا البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس ما تصنعون ، فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم ، فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم ؛ فمنا أمير ومنهم أمير .
فقال عمر : هيهات ! لا يجتمع سيفان في غمد ، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم ، من ينازعنا سلطان محمد ، ونحن أولياؤه وعشيرته ! فقال الحباب بن المنذر : يا معشر الأنصار ، املكوا أيديكم ، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه ؛ فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبوا عليكم فأجلوهم من هذه البلاد ، فأنتم أحق بهذا الأمر منهم ، فإنه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين ؛ أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، أنا أبو شبل في عريسة الأسد ، والله إن شئتم لنعيذنها جذعة ، فقال عمر : إذن يقتلك الله ، قال : بل إياك يقتل .
فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار ؛ إنكم أول من نصر وآزر ، فلا تكونوا أول من بدل وغير .
فقام بشير بن سعد ، والد النعمان بن بشير فقال : يا معشر الأنصار ؛ ألا إن محمدا من قريش ، وقومه أولى به ، وايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر .
فقال أبو بكر : هذا عمكر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم ، فقالا : والله لا نتولى هذا الأمر عليك وأنت أفضل المهاجرين ، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة - وهي أفضل الدين - ابسط يدك . فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه ، فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير ، عققت عقاق ! أنفست على ابن عمك الإمارة ! فقال أسيد بن حضير رئيس الأوس لأصحابه : والله لئن لم تبايعوا ليكونن للخزرج عليكم الفضيلة أبدا . فقاموا فبايعوا أبا بكر .
فانكسر على سعد بن عبادة والخزرج ما اجتمعوا عليه ، وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب ، ثم حمل سعد بن عبادة إلى داره ، فبقي أياما ، وأرسل إليه أبو بكر ليبايع ، فقال : لا والله حتى أرميكم بما في كنانتي ، وأخضب سنان رمحي ، وأضرب بسيفي ما أطاعني ، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن تبعني ، ولو اجتمع معكم الجن والإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي .
Page 24