Sharḥ Nahj al-Balāgha
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
أعفيت من كور ومن رحلة . . . يا ناق إن أدنيتني من قثم
في وجهه نور وفي باعه . . . طول وفي العرنين منه شمم
ويقال : ما رثي قبور إخوة أكثر تباعدا من قبور بني العباس رحمه الله تعالى : قبر عبد الله بالطائف ، وقبر عبيد الله بالمدينة ، وقبر قثم بسمرقند ، وقبر عبد الرحمن بالشام ، وقبر معبد بإفريقية ، ثم نعود إلى شرح الخطبة : الأعاصير : جمع إعصار ، وهي الريح المستديرة على نفسها ، قال الله تعالى : ' فأصابها إعصار فيه نار ' .
والوضر : بقية الدسم في الإناء . وقد اطلع اليمن ، أي غشيها وغزاها وأغار عليها .
وقوله : سيدالون منكم ، أي يغلبونكم وتكون لهم الدولة عليكم . وماث زيد الملح في الماء : أذابه .
وبنو فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة ، حي مشهور بالشجاعة ؛ منهم علقمة بن فراس ، وهو جذل الطعان .
ومنهم ربيعة بن مكدم بن حرثان بن جذيمة بن علقمة بن فراس ، الشجاع المشهور ، حامي الظعن حيا وميتا ، ولم يحم الحريم وهو ميت أحد غيره ، عرض له فرسان من بني سليم ، ومعه ظعائن من أهله يحميهم وحده ، فطاعنهم . فرماه نبيشة بن حبيب بسهم أصاب قلبه ، فنصب رمحه في الأرض ، واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل . وأشار إلى الظعائن بالرواح ، فسرن حتى بلغن بيوت الحي ، وبنو سليم قيام إزاءه لا يقدمون عليه ، ويظنونه حيا ؛ حتى قال قائل منهم : إني لا أراه إلا ميتا ، ولو كان حيا لتحرك ؛ إنه والله لماثل راتب على هيئة واحدة ، لا يرفع يده ولا يحرك رأسه . فلم يقدم أحد منهم على الدنو منه ، حتى رموا فرسه بسهم ، فشب من تحته ، فوقع وهو ميت ، وفاتتهم الظعائن ، وقال الشاعر :
لا يبعدن ربيعة بن مكدم . . . وسقى الغوادي قبره بذنوب
نفرت قلوصي من حجارة حرة . . . بنيت على طلق اليدين وهوب
لا تنفري يا ناق منه فإنه . . . شريب خمر مسعر لحروب
لولا السفار وبعد خرق مهمه . . . لتركتها تجثو علىالعرقوب
نعم الفتى أدى نبيشة بزه . . . يوم اللقاء نبيشة بن حبيب
وقوله عليه السلام : ما هي إلا الكوفة ، أي ما ملكتي إلا الكوفة . أقبضها وأبسطها ، أي أتصرف فيها كما يتصرف الإنسان في ثوبه ، يقبضه ويبسطه كما يريد .
Page 204