184

Sharḥ Nahj al-Balāgha

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

أعفيت من كور ومن رحلة . . . يا ناق إن أدنيتني من قثم

في وجهه نور وفي باعه . . . طول وفي العرنين منه شمم

ويقال : ما رثي قبور إخوة أكثر تباعدا من قبور بني العباس رحمه الله تعالى : قبر عبد الله بالطائف ، وقبر عبيد الله بالمدينة ، وقبر قثم بسمرقند ، وقبر عبد الرحمن بالشام ، وقبر معبد بإفريقية ، ثم نعود إلى شرح الخطبة : الأعاصير : جمع إعصار ، وهي الريح المستديرة على نفسها ، قال الله تعالى : ' فأصابها إعصار فيه نار ' .

والوضر : بقية الدسم في الإناء . وقد اطلع اليمن ، أي غشيها وغزاها وأغار عليها .

وقوله : سيدالون منكم ، أي يغلبونكم وتكون لهم الدولة عليكم . وماث زيد الملح في الماء : أذابه .

وبنو فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة ، حي مشهور بالشجاعة ؛ منهم علقمة بن فراس ، وهو جذل الطعان .

ومنهم ربيعة بن مكدم بن حرثان بن جذيمة بن علقمة بن فراس ، الشجاع المشهور ، حامي الظعن حيا وميتا ، ولم يحم الحريم وهو ميت أحد غيره ، عرض له فرسان من بني سليم ، ومعه ظعائن من أهله يحميهم وحده ، فطاعنهم . فرماه نبيشة بن حبيب بسهم أصاب قلبه ، فنصب رمحه في الأرض ، واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل . وأشار إلى الظعائن بالرواح ، فسرن حتى بلغن بيوت الحي ، وبنو سليم قيام إزاءه لا يقدمون عليه ، ويظنونه حيا ؛ حتى قال قائل منهم : إني لا أراه إلا ميتا ، ولو كان حيا لتحرك ؛ إنه والله لماثل راتب على هيئة واحدة ، لا يرفع يده ولا يحرك رأسه . فلم يقدم أحد منهم على الدنو منه ، حتى رموا فرسه بسهم ، فشب من تحته ، فوقع وهو ميت ، وفاتتهم الظعائن ، وقال الشاعر :

لا يبعدن ربيعة بن مكدم . . . وسقى الغوادي قبره بذنوب

نفرت قلوصي من حجارة حرة . . . بنيت على طلق اليدين وهوب

لا تنفري يا ناق منه فإنه . . . شريب خمر مسعر لحروب

لولا السفار وبعد خرق مهمه . . . لتركتها تجثو علىالعرقوب

نعم الفتى أدى نبيشة بزه . . . يوم اللقاء نبيشة بن حبيب

وقوله عليه السلام : ما هي إلا الكوفة ، أي ما ملكتي إلا الكوفة . أقبضها وأبسطها ، أي أتصرف فيها كما يتصرف الإنسان في ثوبه ، يقبضه ويبسطه كما يريد .

Page 204