Sharḥ Nahj al-Balāgha
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
ويوم كأن المصطلين بحره . . . وإن لم يكن جمرا قيام على جمر
صبرنا له حتى تجلى وإنما . . . تفرج أيام الكريهة بالصبر
علي عليه السلام : اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين .
علي عليه السلام : وإن كنت جازعا على ما تفلت من يديك ، فاجزع على كل ما لم يصل إليك ! وفي كتابه عليه السلام الذي كتبه إلى عقيل أخيه : ولا تحسبن ابن أمك - ولو أسلمه الناس - متضرعا متخشعا ، ولا مقرا للضيم واهنا ، ولا سلس الزمام للقائد ، ولا وطئ الظاهر للراكب ، ولكنه كما قال أخو بني سليم :
فإن تسأليني كيف أنت فإنني . . . صبور على ريب الزمان صليب
يعز علي أن ترى بي كآبة . . . فيشمت عاد أو يساء حبيب
النهي عن الرياء والكذب
واعلم أنه عليه السلام ، بعد أن أمرنا بالصبر ، نهى عن الرياء في العمل ، والرياء في العمل منهي عنه ، بل العمل ذو الرياء ليس بعمل على الحقيقة ، لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى . وأصحابنا المتكلمون يقولون : ينبغي أن يعمل المكلف الواجب لأنه واجب ، ويجتنب القبيح لأنه قبيح ، ولا يفعل الطاعة ويترك المعصية رغبة في الثواب ، وخوفا من العقاب ؛ فإن ذلك يخرج عمله من أن يكون طريقا إلى الثواب ؛ وشبهوه بالاعتذار في الشيء ؛ فإن من يعتذر إليك من ذنب خوفا أن تعاقبه على ذلك الذنب ، لا ندما على القبيح الذي سبق منه ، لا يكون عذره مقبولا ، ولا ذنبه عندك مغفورا . وهذا مقام جليل لا يصل إليه إلا الأفراد من ألوف الألوف .
وقد جاء في الاثار من النهي عن الرياء والسمعة كثير ، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ' يؤتى في يوم القيامة بالرجل قد عمل أعمال الخير كالجبال - أو قال : كجبال تهامة - وله خطيئة واحدة ، فيقال : إنما عملتها ليقال عنك ، فقد قيل ؛ وذاك ثوابك وهذه خطيئتك ، أدخلوه بها إلى جهنم ' .
وقال عليه السلام : ' ليست الصلاة قيامك وقعودك ، إنما الصلاة إخلاصك ، وأن تريد بها الله وحده ' .
وقال حبيب الفارسي : لو أن الله تعالى أقامني يوم القيامة وقال : هل تعده سجدة سجدت ليس للشيطان فيها نصيب لم أقدر على ذلك .
Page 194