219

Sharḥ Nahj al-Balāgha li-Muḥammad ʿAbduh

شرح نهج البلاغة لمحمد عبده

Edition

الأولى

Publication Year

1412 AH

[النص]

ثم ظعنوا عنها بغير زاد مبلغ ولا ظهر قاطع (1) فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم نفسا بفدية (2)، أو أعانتهم بمعونة أو أحسنت لهم صحبة.

بل أرهقتهم بالقوادح (3)، وأوهنتهم بالقوارع، وضعضعتهم بالنوائب (4) وعفرتهم للمناخر (5)، ووطئتهم بالمناسم (6)، وأعانت عليهم ريب المنون. فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها (7)، وآثرها وأخلد لها (8)، حتى ظعنوا عنها لفراق الأبد (9). وهل زودتهم إلا السغب (10)، أو أحلتهم إلا الضنك (11)، أو نورت لهم إلا الظلمة (12)، أو أعقبتهم إلا الندامة. أفهذه تؤثرون أم إليها تطمئنون؟ أم عليها تحرصون؟.

فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنكم تاركوها وظاعنون عنها. واتعظوا فيها بالذين قالوا " من أشد منا قوة ". حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا (13)،

[الشرح]

بالتحريك إذا سلب ماله (1) ظهر قاطع: راحلة تركب لقطع الطريق (2) أي سخت نفسها لهم بفداء (3) أرهقتهم: غشيتهم بالقوادح بالقاف جمع قادح وهو أكال يقع في الشجر والأسنان، أي بما ينهكهم ويمزق أجسادهم. وفي نسخة الفوادح بالفاء من فدحه الأمر إذا أثقله (4) ضعضعتهم: ذللتهم (5) كبتهم على مناخرهم في العفر وهو التراب (6) جمع منسم وهو مقدم خف البعير أو الخف نفسه (7) دان لها: خضع (8) ركن إليها (9) أي فراق مدته لا نهاية لها (10) السغب - محركة - الجوع (11) الضنك الضيق (12) أو نورت لهم الخ لم يكن لهم مما ظنوه نورا لها إلا الظلام (13) لا يقال لهم

Page 219