Sharḥ mushkil al-āthār
شرح مشكل الآثار
Editor
شعيب الأرنؤوط
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥadīth Studies
٥٤٠ -أَنَّ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ " فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَالَ: " وَاللهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي " ⦗١٨⦘ وَلَمَّا وَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِ وَحُكْمِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّ ذَيْنَكَ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ كَانَا حُكْمَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى نَسَخَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مِنْهُمَا التَّغْلِيظَ، وَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ التَّخْفِيفَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ النَّسْخَ بِلَا مَعْصِيَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، وَرَدُّ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ هَذَا النَّسْخُ مَعْصِيَةً يَكُونُ مَعَهَا التَّغْلِيظُ، فَجَعَلْنَا النَّسْخَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَانَ مِنَ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ دُونَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ قَدْ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِيهِ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] إلَى قَوْلِهِ: ﴿إلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَكُونُ الِاغْتِسَالُ الَّذِي يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِتْيَانُ إلَّا فِي النَّهَارِ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُبِيحُ الصَّوْمَ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَفِيهِ مُوَافَقَةُ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﵇ فِيهِ، وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى
2 / 17