246

Sharḥ mushkil al-āthār

شرح مشكل الآثار

Editor

شعيب الأرنؤوط

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

٣٧١ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إيَاسٍ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُطَرِّفًا قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي قَالَ: " ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا حَسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا " فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالِاخْتِلَافُ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إيَّاهُمْ وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا يُحِبُّونَ وَإِنْسَاؤُهُ إيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى ﵇: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ [الكهف: ٦٣] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ ﵇ وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، ⦗٣٤٦⦘ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ فِي إعْثَارِ دَوَابِّهِمْ وَلَا فِي اسْتِهْلَاكِ أَمْوَالِهِمْ وَأُمِرُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللهِ تَعَالَى مِنْهُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨] . فَلَمَّا كَانَ مِنْ رِدْفِ النَّبِيِّ ﵇ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَوْلُهُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، وَالتَّعْسُ: هُوَ السُّقُوطُ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ ذَلِكَ فِعْلًا لِلشَّيْطَانِ لِسُؤَالِهِ بِقَوْلِ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ نَهَاهُ رَسُولُ اللهِ ﵇ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُوقِعٌ لِلشَّيْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إنَّمَا كَانَ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ بِسْمِ اللهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عِنْدَ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَشَكِّي عُثْمَانَ إلَيْهِ ﵇ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا شَكَاهُ إلَيْهِ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مَوْهُومٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ فَخَرَجَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا لَا مُضَادَّةَ فِيهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

1 / 345