86

Sharh Muqaddimah fi Usul al-Tafsir by Ibn Taymiyyah

شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٨ هـ

Genres

قال: فرجعوا إلى رسول الله ﷺ، فأخبروه.
فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدًا، إنما الطاعة في المعروف» (١).
وهذا الأنصاري المبهم في هذه الرواية هو عبد الله بن حذافة السهمي (ت: في خلافة عثمان)، وكان رجلًا فيه دُعابة.
وفيه هو وأصحابه نزلت هذه الآيات، فكان من أمرهم أن رجعوا إلى رسول الله ﷺ، فأخبرهم بقاعدة تنفيذ أوامر القادة وأمراء السرايا.
ومن أمثلة استخدام صيغة (نزلت في) في الاستدلال وإدخال ما فيها من الحكم في معنى الآية:
١ - عن عائشة ﵂ (ت:٥٨) قالت: «نزلت هذه الآية ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] في الدعاء» (٢).
وفي الآية قول آخر، وهو أن الأمر بالمخافتة في الصلاة لا الدعاء بدلالة قوله: ﴿بِصَلاَتِكَ﴾، وهي الصلاة المعروفة المشروعة، لكن لا يمتنع أن يدخل الدعاء في هذا الأمر، خصوصًا أن سياق الآيات في الدعاء، قال تعالى: ﴿قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَانَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ١١٠].
٢ - وعن عائشة (ت:٥٨) قالت: «ما أرى هذه الآية نزلت إلا في المؤذنين ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: ٣٣]» (٣).
وهذا الذي قالته عائشة ﵂ (ت:٥٨) قول صحيح من جهة المعنى، لكن

(١) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
(٢) رواه البخاري وغيره.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١:٢٠٤).

1 / 95