181

Sharh Masabih

شرح المصابيح لابن الملك

Investigator

لجنة مختصة من المحققين بإشراف

Publisher

إدارة الثقافة الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Genres

والسلام فحكاه كما سمعه، ويحتمل أنه أخبر عما شاهده بنفسه وانكشف له.
* * *
١٠٦ - وعن أنسٍ ﵁ قال: جاءَ ثلاثةُ رهطٍ إلى أَزْواجِ النبي ﷺ يسأَلونَ عن عِبادةِ النبيِّ ﷺ، فلمَّا أُخبرُوا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أينَ نحنُ مِنَ النبيِّ ﷺ، وقد غَفَرَ الله لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذنبهِ وما تأخَّر؟ فقال أحدُهم: أمَّا أنا فأُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال الآخر: أنا أصومُ النهارَ ولا أُفطِر، وقال الآخر: أنا أَعتزلُ النِّساءَ فلا أَتزوَّجُ أبدًا، فجاءَ النبيُّ ﷺ إليهم فقال: "أنتمُ الذين قُلْتمْ كذا وكذا؟ أما والله إنِّي لأَخشاكم للهِ وأتقاكُم له، لكنِّي أَصومُ وأُفطِرْ، وأُصلِّي وأَرقُدْ، وأتزوَّجُ النِّساءَ، فمَنْ رغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي".
"وعن أنس - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: جاء ثلاثة رهط" وهي جماعة من الثلاثة إلى العشرة؛ أي: ثلاثة أنفس، قيل: هم عليٌّ وعثمان بن مظعون وعبد الله بن رواحة، وقيل: المقداد، بدل: عبد الله. ﵃.
يعني: جاؤوا "إلى أزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادة النبي ﵊"؛ أي: عن قَدْر عبادته ووظائفه في كل يوم وليلة حتى يفعلوا ذلك.
"فلما أخبروا بها كأنهم تقالُّوها"؛ أي: وجدوا تلك العبادة قليلة على أنفسهم، وقد ظنوا أن وظائفه ﵊ من العبادات كثيرة، وإنما قلَّلها ﵊ رحمة وشفقة على أمته؛ لئلا يلحقهم ضرر ومشقة بالاقتداء فيها.
"فقالوا: أين نحن من النبي ﷺ؛ أي: بيننا وبينه ﵊ بعدٌ بعيد، وفرقٌ عظيم؛ لأنا مذنبون محتاجون إلى مغفرته تعالى، "وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" فينبغي أن تكون العبادةُ نُصبَ أعيننا، ولا نصرف عنها وجوهنا ليلًا ونهارًا.

1 / 150